إبراهيم درويش- العربي المستقل
تعال نتواجه في ميدان عام، تحت أعين الجميع، تحت عدسات الكاميرات، تحت مرأى أعين ذوي فرائسك، وعلى مسامعهم.
أقسم أنني لو أوتيت قوة، لأبرحتك ضربا، وتفنّنت بالتمثيل في جثّتك.
سأخرج ولو لدقائق، عن ديني وأخلاقياتي وأدبياتي وإنسانيتي، وسأفرغ جام حقدي عليك، وسأنتقم مسرورا لكل فريسة فتكت باعضائها، ولكل موجوع يقاوم، وبالنيابة عن كل أهدافك المستقبليّة.
تعال هنا، حاورني، أجِب عن آلاف الأسئلة، المنسيّة على أسرّة الوجع، دعنا نراك فنفهم أسباب ما تفعل، لربما التمسنا لك عذرا، أو أصبح الأمر أقلّ وجعا.
أجبني: أما سئمت لعبة التخفّي في الأجساد الضعيفة، تستمتع بنخرها، حتى الهلاك!
تعال، واجه لمرة واحدة، بشجاعة ورجولة، لا بخبث، تعال فلي ثأر قديم معك، ولا زلت أشتمّ رائحتك تحوم في الأرجاء، تتربّص بي، بأصدقائي، بأحبتي متحيّنا فرصة للإنقضاض.
إسمع جيدا، أنت عدوّي الأول، نما حقدي تجاهك في خلاياي، تعاظم كرهي لك، حتى أصبحت محوريّ الاهتمام، الى الحد الذي بتّ أتسلق فيه عاليا أشجار الخيال، حالماً أن أنكبّ على دراسة الطب، فيلهمني الله، وأفني عمري في البحث عن مفاتيح هزيمتك.
من أنت يا هذا، من ربّك، ما دينك، من يدعمك، من أين تستمد هذا الجبروت، والتجبّر، كيف تتفنن في صيدك، ما هي معاييرك، متى تشبع؟
ندين يا ندين، كيف صافحته، وعانقته؟ حتى استوطن جسدك، حاقدا، مرتزِقا، يقتات من حلمك وفرحك وسرورك. لقد قتلك يا ندين، لكنه أصابنا في مقتل.
تابعت منذ الصلوات على وسائل التواصل، لم أسأل عن وضعك الصحي، لم أتجرأ، لم أراسلك، فأنا مع كل حالة سرطان، أستعيد شريطا من الذكريات، يحملني الى تلك الغرفة في “أوتيل ديو”، الى تلك الندبات التي ما برحت تؤلمني، كثير، وتعصر ذاكرتي.
سلام على عينيك المحبتين، وعلى شفتيك الضاحكتين، وعلى أحلامك التي لم تحتضنها الأرض، فعرجت تبحث عن ذراعين أكثر صدقا، في السماء.