أسيل الطفيلي- العربي المستقل
تعيش كرة القدم اللّبنانيّة حاليّاً فترة من التخبّطات في ظلّ النتائج المخيّبة للآمال التي تقدّمها المنتخبات بدءاً بالمنتخب الأوّل، مروراً بمنتخب الشباب ووصولاً لمنتخب الصالات. ومع اقترابنا من فعاليات كأس آسيا التي ستُقام في قطر مع بداية العام 2024، يسيطر التشاؤم على الوسط الكروي اللّبناني، فعلى شبكات التواصل الاجتماعي تشارك الجماهير تخوّفها من اخفاق شبه مؤكّد في الاستحقاق الآسيوي القادم… إلاّ إذا!
استعداداً للاستحقاقات القادمة، وأهمّها كأس آسيا، رفع منتخب لبنان لكرة القدم من حدّة تحضيراته عبر المشاركة ببطولتين ودّيتين: انتهت الأولى -بطولة هيرو- باحتلال رجال الأرز المركز الثاني بعد التعثّر في النهائي أمام المنتخب الهندي، فيما تستمر فعاليات البطولة الثانية – بطولة اتحاد جنوب آسيا لكرة القدم- والتي تشارك فيها، بالإضافة الى المنتخب اللبناني، منتخبات متواضعة كبوتان، بنغلادش، المالديف، النيبال وغيرها. تحضيرات مكثّفة إذاً ولكنّها لا ترتقي لمستوى التوقّعات، فما الإضافة الفنّية التي تقدّمها مواجهة فرق القاع في ترتيب الفيفا؟
الخروج بأقلّ الأضرار من كأس آسيا
قرعة كأس آسيا المقبلة ابتسمت للبنان، فأوقعته في مجموعة بالمتناول نسبيّاً وهي المجموعة الأولى مع البلد المستضيف قطر، الصين وطاجكستان. وبالتالي، ورقيّاً، التأهل للدور التالي ليس مستحيلاً إذا ما تدارك المنتخب نفسه.
وفي ظلّ “حالة الطوارئ” التي يعيشها الوسط الكروي اللبناني حاليّاً وضعف الأداء الفنّي الذي يقدّمه المنتخب، قد تكون الاستراتيجيّة المتّبعة هي الخروج بأقلّ الأضرار من البطولة وتفادي هزائم ثقيلة. والوسيلة لضمان نجاح هذه الاستراتيجيّة هي الاستعانة “بأبناء المهاجرين” المتواجدين خارج لبنان القادرين على تقديم الإضافة ورفع شأن الفريق قاريّاً. ولكن عامل الوقت يبقى بلا شكّ العائق الأبرز أمام المساعي المبذولة، فعمليّة استرداد الجنسيّة اللّبنانّية ليست بالبسيطة وتتطلّب طرح بند -والموافقة عليه- في جلسات مجلس الوزراء.
الاستعداد لمرحلة ما بعد كأس آسيا:
مهما كانت النتيجة التي سيحقّقها منتخب الأرز في بطولة كأس آسيا القادمة، لابدّ من طوي الصفحة سريعاً والبدء بالتحضير للمستقبل البعيد عبر بناء فريق شاب، متجانس وقادر على مجاراة كبار القارة. فلطالما عمدت الأندية والمنتخبات على التحضير للمدى القصير أي التحضير للمشاركة في الحدث القادم بعد أسابيع أو أشهر قليلة دون الاكتراث بالانعكاسات على المدى البعيد، ممّا يعرقل تطوّر اللّعبة.
أولى خطوات هذا التخطيط بنظرنا هي تطعيم المنتخب الحالي بدماء جديدة. فالمنتخب الحالي يضمّ في صفوفه لاعبين مخضرمين يداعبون سنّ الاعتزال، ولاعبون محلّيون ينشطون في دوري هواة ينعكس ضعف مستواه على مستوى المنتخب. وبالتالي، لا بدّ من توسيع آفاق البحث واللجوء الى اللاعبين الناشطين في الدوريات الأوروبيّة والعالميّة. تبدأ الآليّة بإيجاد هؤلاء اللاعبين بدايةً، واقناعهم بتمثيل منتخب بلاد الأرز ثانياً قبل بدء مرحلة استرداد جنسيتهم اللّبنانيّة.
التطوّع لخدمة الوطن
تمت الاستعانة بالمتطوعين لأول مرة في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في ستوكهولم بالسويد، لتزداد بعدها قاعدة أولئك الراغبين في خدمة بلدهم والمشاركة بالأحداث الرياضيّة مهما كان الثمن، ففي كأس العالم الأخيرة التي استضافتها قطر، بلغ عدد المتطوّعين العشرين ألفاً استلموا مهامّ عدّة كتنظيم دخول الجماهير الى الملاعب، تنظيف الملاعب بعد انتهاء المباريات، تنظيم جلسات تثقيفيّة قبل انطلاق الفعاليات الكبرى، وغيرها.
ونظراً لفعاليّة هذه الطريقة، تعمد بعض الأندية والاتحادات الى انشاء لجان من المتطوّعين لرصد المواهب الكرويّة. فمهما كان النادي كبيراً ومهما كانت امكانياته المادّية والبشريّة ضخمة، لا يُمكِن لهُ توظيف رصّادين مواهب في كلّ بلاد العالم.
الجاليات اللّبنانيّة في بلاد الاغتراب
المغتربون اللبنانيون كنز يجب على مسؤولي اللّعبة الاستفادة منه. فمن البرازيل، مروراً بالمكسيك وفنزويلا والولايات المتّحدة الأمريكيّة، ووصولاً الى السويد وألمانيا، يُتابع اللبنانيون المغتربون، بشغف، مباريات منتخب الأرز وقد أبدى البعض منهم استعداده للتطوّع ورصد المواهب دون مقابل. فخدمة الوطن هي الدافع.
باختصار، اللجوء الى لجان من المتطوّعين لرصد مواهب الاغتراب هو الحلّ للنهوض بالّلعبة وتشكيل منتخب قويّ للمشاركة في كأس العالم 2030… وإلا فعلى الدنيا وكرة القدم اللّبنانيّة السلام!