لن نموت مجددا…

إبراهيم درويش- العربي المستقل 

للتحرير مذاقٌ، لا تستسيغه إلا ألسنة مرمرتها دمويّة العدوّ. فلعقت المِبرَد، حتى استحال طيّعا، سهل الكسر.

هناك، على مرمى كيلومترات قليلة منه، كان العدو يجد في أجسادنا الطريّة، حقول رماية، تشبع نزعته الإجراميّة.

لم يكن هناك ما يردعه، كان يتفنّن في قتلنا، كان يزرع الموت في ألعابنا، دمى مسكينة نزع عنها براءة الطفولة، وألقاها في رياضنا.

قتل منا الكثير، نساء وشيوخا، ورضّعا، لا لشيء، الا لأنه أراد أن يزرع فينا الهلع والرعب، ونخشاه ونخافه كثيرا، فيطوّعنا كنعاج، تحت قبضة راع مجرم، يسدل أعناقنا بفائض من المتعة فوق سكّينه المسموم.

أمتع ما في الأمر أنّ هذا العدو عجز عن فهمنا، فأمعن فينا غيّا، ورقص فوق أشلائنا، متنا كثيرا، حد اللاعودة، لكننا عدنا أرواحا، لا تشيخ، ولا تموت.

لا زال البعض هنا، يستكثر علينا الحياة، ويقنعنا بحلو الموت، لا زال البعض يحاول إقناعنا بمتعة الإنكسار، وحتمية الهزيمة، ويطالبنا أن نقدّم أجسادنا قرابين سلام مزعوم، لا يفقه العدو أبسط معانيه.

أخبروهم، بأننا نرفض أن نموت، بأننا سنبقى، سنقاتل، بكل ما أوتينا من أسلحة، وبأن من في صدره سلاح من روح، يموت ليحيا فكرة، قصيدة، لوحة، رقصة، ومقاومة…

 أخبروهم… أن الفاسد قتلنا كما فعل العدو، وأن التحرير، بات قوسين أو أدنى.

واختتموا حديثكم بـ:

لن نموت مجددا….فنحن نحب الحياة، نعشقها، ونقدّسها، ويوم لا يعود هناك من مفر فانا “نموت لنحيا”.

في ذكرى 25 أيار.. تحرير ولا حرية - الفضل شلق - 180Post