الجمهورية: المرشحون إلى امتحان اللوائح .. أزمة الأحزاب جذبُ النّاخبين..

كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: رسا عدّاد وزارة الداخلية رسمياً على 1043 مرشحاً لخوض المعركة الانتخابية. وهو بطبيعة الحال رقم غير نهائي، حيث سينخفض بنسبة كبيرة حتماً، بخروج كثيرين منهم من المعركة، لم يسعفهم حظهم في الانخراط في لوائح يفرضها القانون الذي ستجري على أساسه انتخابات 15 أيار المقبل.

كما هو واضح، أنّه بعد عبور المحطة الاولى على طريق هذا الاستحقاق، التي تجلّت في تحديد موعد إجرائها، انتهت بالأمس، المحطة الثانية بتقديم الترشيحات، لتبدأ المحطة الثالثة بالرجوع عن الترشيحات لمن يرغب في ذلك ضمن مهلة تنتهي آخر شهر آذار الجاري، أي بعد اسبوعين، تليها المحطة الرابعة بتشميل اللوائح المتنافسة، ضمن مهلة تنتهي في 4 نيسان المقبل استعداداً للمحطة الحاسمة في 15 أيار.

حاصلة .. إلّا إذا؟

في موازاة هذا المسار التقني، تتوالى التأكيدات السياسية على انّ الانتخابات النيابية ستجري في موعدها المحدّد، وعلى ما يؤكّد مرجع مسؤول لـ»الجمهورية»: «الانتخابات ستجري، وكفى كلاماً عن تأجيل او تعطيل، فقد ملّت الناس من هذه الذريعة التافهة».

ورداً على سؤال عن مخاوف من تطورات مختلفة على لبنان من شأنها ان تعطّل الانتخابات، قال: «اولاّ الخوف على لبنان دائم، فهو قائم امس، واليوم وغداً، أليست الأزمة التي بلغها لبنان واللبنانيون مخيفة. هذا من جهة، واما من جهة ثانية، أنظار الجميع يجب ان تنحصر داخل الحدود اللبنانية، ولا تتخطّاها بتحليلات عجيبة غريبة، فدعونا ننظر الى المؤشرات الداخلية، فكلها تؤكّد انّ الانتخابات النيابية حاصلة في موعدها، ولا شيء يعيقها. اما المؤشرات الخارجية ربطاً تحديداً بالحرب في اوكرانيا، ومحاولة استخدامها كنقطة تهويليّة على الانتخابات، فلتُترك لشأنها لأنّها اكبر من لبنان ومن المنطقة. فإن كانت ثمة ارتدادات ستحصل، فستعمّ العالم بأسره ولبنان بالتّأكيد لن يكون بمنأى عنها. امّا القول بأنّ هذه الارتدادات ستعمّ لبنان فقط دون غيره من الدول، فهذا اعتداء على اللبنانيين ودفعهم الى مزيد من القلق».

وفي السياق، دعا وزير الداخلية القاضي بسام مولوي، في كلمة القاها خلال ورشة عمل أقامها مكتب الشؤون البلدية والإختيارية المركزي في حركة «أمل بعنوان «واقع البلديات والأزمة الإقتصادية والمالية وسبل المعالجة»، إلى «أن تستنفر البلديات جهودها لمؤازرة وزارة الداخلية في التحضير للإنتخابات النيابية التي ستجري حكماً، على رغم محاولات العرقلة الخائبة من قِبل البعض. هذه المهمة الوطنية لا بدّ أن تستدعي استجابة فاعلة للبلديات لناحية التحضيرات اللوجستية إن على صعيد جهوز مراكز الإقتراع، أو على صعيد تذليل مشكلة التيار الكهربائي عبر جهود محلية تضافرية».

صورة متشائمة

على الخط التحضيري لاستحقاق 15 ايّار، تشهد الحلبة الانتخابية ما يمكن تسميتها «زحمة استطلاعات» انتخابية سياسية وحزبية ومدنية، الجامع بينها انّها تقارب الانتخابات بصورة متشائمة، لاستحقاق يؤشر المزاج الشعبي إلى انّه الأدنى من حيث نسبة الافتراع، حيث انّها لن تلامس عتبة الـ49.6 في المئة التي سجّلتها انتخابات العام 2018، بل انّها ستشهد انخفاضاً مريعاً لهذه النسبة، حيث ذهب بعض الإستطلاعات إلى رسم صورة تقريبيّة لنسبة المقترعين على مستوى كلّ لبنان في انتخابات أيار، تفترض انّ نسبة الانخفاض المتوقعه تزيد حتماً عن 10 نقاط.

واللافت في هذه الاستطلاعات، انّها لا تنسجم مع ما تسمّيها «مبالغات غير واقعية من الداخل والخارج في ما يتعلّق باقتراع المغتربين»، فأصوات المغتربين في انتخابات العام 2018 ذهبت في غالبيتها الى الأحزاب التي تتشكّل السلطة من غالبيتها. وهذا يؤكّد انّ مزاج الناخب المغترب لا يختلف ابداً عن مزاج الناخب المقيم، وتوجّهاته. وتبعاً لتطورات الأزمة وما أرخته على المواطن من أثقال وأعباء ونقمة على «الطبقة السياسية، والمتسببين، والشركاء في الأزمة»، وعدم ثقة بإمكان حصول تغيير، فإنّ الغالبية الساحقة من الناقمين في الخارج، ستحجم عن الانتخاب وتفضّل الإنكفاء في المنازل».

إمتحان المرشحين

الى ذلك، هذه الصورة التشاؤمية، تقابلها في المقلب التحضيري للانتخابات صعوبات متنوعة على الحلبة الانتخابية بشكل عام، فمع اكتمال عدد المرشحين رسمياً، يتبدّى «الإمتحان» الذي ينتظر المرشحين، ولعلّها المحطة الأصعب على شريحة واسعة من المرشحين، ليس يوم الاقتراع الذي اصبح على بعد 58 يوماً، بل محطة الأسبوعين المقبلين، حيث ستكون المنافسة على اشدّها في ما بينهم لنيل رضا أصحاب اللوائح لضمان مقاعد لهم فيها، وهو امر طبيعي ومباح في ظلّ قانون الصوت التفضيلي والنسبية المشوّهة. وهي بلا أدنى شك محطة صعبة أيضاً على الأحزاب، وخصوصاً تلك التي دأبت منذ اندلاع ثورة 17 تشرين الاول 2019 على رفع الشعارات الكبيرة، حيث انّ التنافس في ما بينها سيكون أكثر شدّة، عنوانه السباق لتقديم عروضات ومزايدات وإغراءات لجذب مرشّحين، تفترض أنّهم يشكّلون رافعة للوائحها وتمكّنها من ضمان حواصل لمرشحيها الحزبيين حصراً. وهو الامر الذي تعكسه بوضوح حركة الماكينات الحزبية في مختلف الدوائر، التي تنطلق بزخم كبير مدفوع من حاجة تلك الاحزاب إلى أصوات بالجملة والمفرّق.

«أحجام».. و»إحجام»!

وبمعزل عن الصّخب السياسي والمدني والحزبي الذي سيضجّ في البلد خلال الفترة الفاصلة عن موعد الانتخابات، بالترداد المملّ لذات العناوين والشعارات التي تتدحرج على اللبنانيين منذ إسقاطهم في هاوية الأزمة، فإنّه على ضراوته المتوقّعة وحدّة الخطاب المتبادل، لا يؤشر الى انّه مرتبط حصراً بمعركة انتخابية بين الخصوم يستعدون لحسمٍ في ما بينهم في صناديق الاقتراع، بل أنّه مرتبط بالدرجة الاولى بمعركة قاسية تنتظر الأحزاب والتيارات على اختلافها، تتواجه فيها «أَحجام الأحزاب» مع «إحجام الناخبين» عن المشاركة في استحقاق 15 أيار.

وربطاً بذلك، ووفق خلاصات بعض الاستطلاعات، فإنّ الإحجام مردّه بالدرجة الاولى إلى الأزمة المالية والاقتصادية وآثارها الشّديدة السلبيّة على النّاس. ومردّه أيضاً إلى خطئية الاحزاب التي تبدّت في كون بعضها تجاهل الأزمة وتعالى عليها بإنكار وجودها وقاربها بمنطق السلطة الحاكمة وتنزيهها عن أي دور في الانهيار القائم، وفي كون بعضها قدّم صورة المشهد الدّاخلي ما بعد اندلاع الأزمة، بمرايا مكبّرة لا تعكس حقيقة الواقع، حيث أوحت من خلالها انّها ممسكة بالارض ومتحكمة بزمام التغيير الشامل وبناء السلطة البديلة على أنقاض السلطة القائمة. ولكن مع ذوبان ثلج الشعارات والعناوين الكبرى، ودنو ساعة الحقيقة، وجدت هذه الأحزاب نفسها عاجزة عن الهروب من حقيقة أنّ الأزمة أصابتها كلّها في الصّميم، تُضاف إلى ذلك، الشعارات والأحلام التغييرية التي بناها من ركبوا الموجة واستثمروا على وجع اللبنانيين وجوعهم، ثبت في ما تلا «انتفاضة تشرين» من محطّات، أنّها لم تكن سوى اعتداء على عقول النّاس. والنتيجة الطبيعية كانت تأسيس أكبر حزب في لبنان عابر لكلّ طوائفه ومناطقه، هو حزب «القرفانين» الذين قرّروا الانكفاء في منازلهم يوم الانتخاب. وهذا ما تؤكّده كل الاستطلاعات، وهو الأمر الذي بات يخيف الأحزاب فعلاً، وخصوصاً تلك التي كبّرت الحجر وتوعّدت ووعدت بتغيير جذري شامل، وسرعان ما تقزّمت هذه الوعود إلى حدود الحفاظ على أحجامها لا أكثر ولا أقل.

وليس حال قوى الحراك المدني المتنوّعة والمتعددة، كما تخلص الاستطلاعات الانتخابية، أفضل حالاً، حيث تؤكّد الوقائع الانتخابيّة انّ قدرتها أقلّ من متواضعة، لا بل ضعيفة لا تملك قدرة التغيير، ولا حتى قدرة انتزاع ثقة المواطن واعتبارها بديلة عن سلطة الأزمة. فما ساهم في ضعفها انّها منذ البداية ليست على كلمة واحدة ولا تلتقي على هدف تغييري واحد، بل لكل منها هدفه، وطريقه اليه لا يشرك فيه احداً.

لا مفاجآت

وسط هذا الوضع، ليس صعباً رسم صورة استحقاق ايار، حيث انّ الصخب السياسي المنتظر له وظيفة محدّدة هي تحمية الأجواء الانتخابية لا أكثر ولا أقل، انّما في النتائج المتوقعة، فلا مفاجآت منتظرة، وتبعاً لذلك، فإنّ اي مطلب تغييري بانتخابات تقلب الصورة النيابية والسياسية القائمة، أياً كان مطلقه، ومهما كانت صدقيته وجدّيته، فهو في ظل الواقع اللبناني القائم، في أحسن الأحوال من قبيل تسجيل موقف لا أكثر، حتى لا نقول انّه مطلب عبثي ساقط سلفاً. إذ لا يحلم أحد بتغيير، في الهيكل السياسي والنيابي القائم في ظلّ القانون الانتخابي النافذ، الذي تصفه اكثرية اللبنانيين بالقانون المسخ، والذي لن يفرز اكثر من نسخة طبق الأصل تقريباً عن الخريطة النيابية بتوازناتها الحالية، واما التغيير فهو في بعض الوجوه والاسماء.

نصرالله

وفي السياق الإنتخابي، قال الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله في لقاء داخلي للحزب: «إنّ معركتنا في الانتخابات المقبلة هي معركة حلفائنا، وسنعمل لمرشحي حلفائنا كما نعمل لمرشحينا».

وأشار الى انّ «هدفنا أن نربح ويجب أن نربح لنكون موجودين في كل الاستحقاقات»، وقال: «إنّ خصمنا لم يقدّم برنامجاً. الكلام فقط عن سلاح المقاومة والاحتلال الإيراني وهيمنة «حزب الله» على الدولة».

ورأى أنّ هذه الانتخابات «مفصلية ومن أهم وأخطر المعارك السياسية التي تحدّد على ضوء نتائجها بقية المعارك»، مشيراً إلى أنّ «البديل من الانتخابات هو عدم وجود مجلس نيابي. ولذلك، يجب شحذ الهمم وعدم الاستهتار واعتبار المعركة تحصيلاً حاصلاً، والبقاء حذرين حتى إعلان النتائج، والتعاطي بجدّية مع الاستحقاق. هذه المعركة أساسية ككل المعارك التي خاضتها المقاومة».

كذلك دعا نصرالله إلى ضرورة «العمل على رفع نسبة التصويت ولو اقتضى الأمر زيارة الناس في المنازل وعدم الاكتفاء باللقاءات العامة». وقال: «إنّ الهدف ليس فوز مرشحي الحزب، بل بلوغ حواصل لتعزيز وضع حلفائنا في جبيل وكسروان والشوف وعاليه وفي كل الدوائر. نريد أن ينجح كل الحلفاء معنا، لأنّ المعركة اليوم ليست ضد الحزب فقط، بل لأخذ حصص من الحلفاء، لذلك العمل يجب أن يكون للحلفاء كما نعمل لأنفسنا. علينا أن ننجح كل نوابنا وكل حلفائنا. وحتى لو كان هناك مرشح عليه نقاط هدفنا أن ننجحه».

وعلى الخط الآخر، أُعلن في معراب أمس التحالف بين «القوات اللبنانية» و»حزب الهنشاك» في دائرة بيروت الاولى، فيما اعتبر أمين سر «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن أنّ «أهم ما في هذا الاستحقاق الانتخابي، هو ألّا يستحوذ فريق الممانعة على أكثرية مجلس النواب، لتأمين تشكيل حكومة تعمل على خطة التعافي، وانتخاب رئيس للجمهورية يفهم طبيعة لبنان».

المصارف الى الواجهة

على الصعيد المالي، شكّل خبر ختم خزائن مصرف فرنسبنك والحجز على جميع موجودات المصرف المذكور صدمة لدى الرأي العام. ذلك انّ القرار، ولو انّه قضائي وصادر وفق القوانين المرعية، الّا انّه يعيد الى الواجهة إشكالية وجود قانون يحمي المودع والمصرف في آن. اذ انّ أي إجراء، ومهما كانت الاسباب والمبررات، يؤدي الى إغلاق مصرف، او توقف نشاطه، يقود حتماً الى خلل كبير يدفع ثمنه المودع والموظف والمواطن المضطر الى إنجاز معاملة مالية في المصرف.

انطلاقاً من هذا الواقع، ترتفع الاصوات المطالبة بأن تتحمّل الحكومة مسؤوليتها، وان تعمل على إنهاء هذا الوضع الشاذ الذي أدّى الى استمرار البلد المفلس منذ آذار 2020 حتى اليوم من دون قانون للكابيتال كونترول يرعى عملية إدارة الاموال المتبقية في القطاع، لضمان المساواة في الحقوق للجميع وبالتساوي.

ويلفت خبير اقتصادي، الى انّ استمرار الوضع كما هو اليوم يعني عملياً انّ المودع الذي لديه جنسية اجنبية والذي لديه إمكانات مالية تسمح له بتوكيل محامين كبار، قادر على الاستحصال على قرارات من المحاكم تسمح له باسترداد وديعته دون سواه من المودعين. وهذا يعني إلحاق ظلم كبير ببقية المودعين، بالإضافة الى الضرر الذي قد تتسبّب به الأحكام لجهة وقف تعاون المصارف المراسلة مع القطاع المالي اللبناني. وبالتالي، المسؤول الوحيد هنا هي السلطة اللبنانية التي يفترض ان تتحمّل مسؤوليتها في تنظيم إدارة سحب الاموال، للحفاظ على ما تبقّى، وحماية استمرارية عمل المصارف، بانتظار البدء في تنفيذ خطة التعافي الموعودة، والتي تأخّرت كثيراً، ولا بوادر حتى الآن انها ستُقلع عمّا قريب.

مجلس الوزراء

إلى ذلك، أقرّ مجلس الوزراء أمس خطة الكهرباء مع تعديل الهيئة الناظمة للعام 2022 بدلاً من 2023، وأعلن وزير الطاقة والمياه وليد فياض، إثر انتهاء جلسة مجلس الوزراء، عن إقرار خطة الكهرباء»، وقال: «سأقوم بجهدي لكي يتمّ إنشاء الهيئة الناظمة».