كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: ما هو واضح وضوح الشمس خلال الايام الـ83 الفاصلة عن موعد الانتخابات النيابية في 15 ايار المقبل، يتمثّل في محدودية العمل الحكومي خلال هذه الفترة، ودورانه في دائرة تقطيع الوقت بالحدود الضيّقة لتصريف الاعمال، من دون بلوغ أي انجازات يُعتدّ بها او خطوات يعوّل عليها لفتح ثغرة ولو ضيقة في جدار الأزمة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
على أنّ الأكثر وضوحاً هو الانقسام السياسي المتمدد على طول المشهد الخارجي وعرضه، والذي أخذ يتوسّع أكثر فأكثر في هذه الفترة التحضيرية للاستحقاق الانتخابي، وينذر بدخول البلد في بازار مفتوح على كلّ التشنجات وتحت عناوين وشعارات لزوم المعركة الانتخابية التي تؤشر كل الوقائع المرتبطة بها الى أنها الاكثر احتداماً من كل الاستحقاقات الانتخابية السابقة.
الورقة الخليجية
وعلى الطريق في اتجاه الاستحقاق الانتخابي تتراكم ملفات اخرى، يأتي في مقدمها ملف العلاقة بين لبنان ودول الخليج التي يفترض، بحسب اشارات تلقاها لبنان من بعض المستويات العربية، ان هذا الامر سيعود الى الواجهة في وقت قريب مع الردود الخليجية المرتقبة على الردود اللبنانية على الورقة الخليجية التي نقلها وزير الخارجية الكويتي. وهو امر اكدت مصادر ديبلوماسية عربية لـ”الجمهورية” انه أحيط برعاية من قبل الدول المعنية على ان يتبلور الجواب النهائي ضمن فترة قصيرة.
ولم تقدم المصادر اي اشارات او تلميحات حول شكل الجواب الخليجي ايجابيا كان او سلبيا، الا ان طيّات كلامها لا تميل الى تغليب الايجابية. ورفضت في الوقت نفسه تأكيد او نفي ما يتردد في بعض الاروقة الديبلوماسية بأنّ الردود الخليجية لن تكون على النحو الذي توخّاه لبنان في رده على الورقة الخليجية، والذي تجنّب فيه مقاربة البنود الجوهرية في الورقة الخليجية، لا سيما ما يتعلق منها بسلاح “حزب الله” وأنشطته وهجومه المتواصل على دول الخليج.
الا انّ مصادر سياسية واسعة الاطلاع رسمت صورة قاتمة حيال الوضع اللبناني بقولها لـ”الجمهورية” ان لبنان اليوم ليس موجودا لا على الخريطة العربية ولا على الخريطة الدولية إلا من باب الانتخابات النيابية وضرورة اجرائها في موعدها، وفي ضوء نتائج هذه العلاقات تتحدّد وجهة الموقف من لبنان، وحتى ذلك الحين ليست في الاجندة العربية او الدولية اي خطوات او مبادرات ايجابية تجاه لبنان.
الترسيم: مراوحة
وعلى مقربة من هذا الملف، يتموضَع ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، حيث تؤكد مصادر معنية به لـ”الجمهورية” ان الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين سيحضر قريبا في زيارة جديدة الى لبنان.
واكدت المصادر انّ السِمة العامة لهذا الملف هي المراوحة عند النقاط الخلافية نفسها القائمة منذ سنوات طويلة، والزيارة الاخيرة لهوكشتاين لم تحقق ايجابيات ملموسة من شأنها ان تدفع بملف التفاوض الى الامام، بل عكست تفاؤلا جديا لديه في امكان التوصل الى اتفاق ضمن فترة قصيرة. وقالت: على كل ذلك، لم يتلق لبنان اي شيء ملموس او مكتوب يدفع الى القول انّ هذا الملف سيسلك طريقه في اتجاه العودة الى طاولة المفاوضات غير المباشرة تمهيداً لبلوغ ما يسمّى الاتفاق. فضلاً عن انّ صورة المواقف لم تتبدل، ولبنان متمسك بكامل حدوده وآخر قطرة من مياهه، في مقابل مراوحة اسرائيلية يتناغم معها الاميركيون، يسعى من خلالها العدو النيل من حقوق لبنان ومقاسمته بها. وهو امر مرفوض من قبل لبنان، وتم ابلاغه لهوكشتاين الذي وعد بأن يأتي بأفكار جديدة ونحن ننتظر ما سيطرحه علينا.
لن نخضع للابتزاز
وفي هذا الاطار أبلغ مرجع مسؤول إلى “الجمهورية” قوله انّ لبنان لا يريد اكثر من حدوده الخالصة، وهذا ما نتمسك به، واكدنا ذلك لكل الوسطاء الاميركيين، وآخرهم هوكشتاين. ومما لا شك فيه ان الاميركي يسير في هذا الملف بدافع اسرائيلي لإنهائه بما يفيد مصلحة العدو وعلى حساب مصلحة لبنان، وهذا التوجّه الاميركي لم يختلف مع كل الوسطاء الاميركيين، وتبعاً لذلك أكدنا للجميع بأن لبنان لن يخضع لأي ضغط يمارس عليه او أن تستغل أزمته المعيشية واتخاذها وسيلة ترغيب تبتزّه للتخلي عن اجزاء من حدوده الخالصة لمصلحة اسرائيل.
المفاوضات سرية
الى ذلك، ردت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية على طلب الدائرة القانونية في “مجموعة الشعب يريد اصلاح النظام”، الحصول على معلومات “تتعلق بالتفاوض الرامي الى ترسيم حدود لبنان البحرية الجنوبية”، بعدم الاستجابة لهذا الطلب، والتأكيد على ان الحرص على مصلحة لبنان العليا لا يعلوه أي اعتبار من شأنه التفريط بها، مشيرة الى انّ المفاوضات غير المباشرة الحاضرة، وإن كانت تتم تحت مظلة الأمم المتحدة وبوساطة أميركية، إنما تُخاض في وجه العدو الصهيوني بما يحفظ الأمن القومي للبنان، الأمر الذي يتطلب إحاطة جميع الأعمال المتصلة بها بالسرية التامة حتى لا ينفد العدو إليها ويستخدمها لتقوية موقفه في وجه لبنان.
إلغاء الوكالات
على ان الحدث الداخلي كان في مجلس النواب امس، مع اقرار قانون المنافسة الذي ألغيت بموجبه الوكالات الحصرية.
الاجماع النيابي العام على هذا القانون هو أنه احد اكبر الانجازات التي حققها المجلس النيابي بالنظر الى مفاعيله المباشرة التي تفيد كل فئات الشعب اللبناني وتفتح باب التنافس على الاستيراد، اما المتضرر الوحيد فهو المحتكرون الذي يتحكّمون بأسعار السلع المستوردة أيّاً كان نوعها، ويبيعونها للمستهلك اللبناني بأسعار مضاعفة عشرات المرات عن سعرها الطبيعي في بلد المنشأ، خصوصا ما يتعلق بالمواد الغذائية وكذلك المواد والمستلزمات الطبية.
نصّ الالغاء
وقد جاء اقرار إلغاء الوكالات عبر صيغة تعديلية تقدّم بها النائب سمير الجسر للمادة الخامسة من اقتراح قانون المنافسة، وجاءت كما يلي:
“خلافاً لأي نصّ آخر:
1 – لا يسري حصر التمثيل التجاري على الاشخاص الثالثين حتى ولو أعلنه الوكيل بقيده في السجل التجاري.
ولكل شخص طبيعي او معنوي الحق في استيراد اي منتج من بضاعة لها ممثل حصري في لبنان سواء كان ذلك لاستعماله الشخصي او للاتجار به.
على الشخص اللبناني الذي يستورد منتجاً له ممثل حصري في لبنان للاتجار به ان يؤمّن للمستهلك جميع الخدمات والضمانات وكفالات ما بعد البيع كما هو محدد من قبل الشركة المصنّعة في عقد التمثيل التجاري والمسجل في السجل التجاري وفي السجل الخاص في وزارة الاقتصاد.
2 – لا يسري حصر التمثيل التجاري على الاشخاص الثالثين، على جميع المنتجات الغذائية والدوائية والمتممات الغذائية والمستلزمات الطبية بدون استثناء.
3 – يجوز لشخص جديد ان يمثل شركة موردة سبق ان كان لها ممثل حصري ويوجد اشارة دعوى على صحيفتها، وللممثل الجديد ان يسجل وكالته وفقاً للاصول القانونية من دون اي قيد.
4 – يحق لممثل سابق في حال تدوين اشارة حكم مُبرم بالتعويض عليه على صحيفة الشركة التي كان يمثلها ان يبلغ مضمون الحكم المبرم المدوّن الى ادارة الجمارك كي لا يسمح بتخليص البضائع المستوردة من إنتاج الشركة المحكومة، ما لم تكن البضاعة قد شحنت الى لبنان بتاريخ سابق على تدوين اشارة الحكم المبرم، وعلى ابلاغ ادارة الجمارك الّا بعد ان يبرز مستوردها افادة تثبت رفع الاشارة عن صحيفة الشركة.
تسري احكام هذا البند لمدة ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم المبرم.
5 – تلغى الفقرات 3 و4 و5 من المادة 4 من المرسوم الاشتراعي 34 تاريخ 5/8/1967 مع كافة تعديلاته والمضافة بالقانون المنفّذ بالمرسوم 9639 تاريخ 6/2/1975.
6 – لا تسري احكام هذه المادة على الدعاوى المقامة قبل صدور هذا القانون بموجب القانون 34 تاريخ 5/8/1967 وتعديلاته”.
بري مرتاح
ولفت في الجلسة الارتياح الذي أبداه الرئيس نبيه بري لإقرار قانون المنافسة والغاء الوكالات الحصرية، حيث اكد في مداخلة له ان هذا الاقتراح لا يتعلق بأحد ولا يستهدف أناساً دون آخرين، ففي الواقع انّ عدد الوكالات الحصرية المسجل 3030 وكالة حصرية الصالح منها 313 فقط شرعية، والبقية هي غير قانونية ولا تجدد العقود ولا تدفع الرسوم. هذه الوكالات لا تزال تعمل وتستورد البضائع من الخارج وتمنع غيرها من الاستيراد، كل العالم بأسره ألغى الوكالات الحصرية الا بَلدين لبنان ودولة الامارات التي ألغت الوكالات منذ عشرة ايام وبقي لبنان البلد الأوحد في العالم فيه وكالات حصرية، علماً ان مجلسكم الكريم قد أبرم اتفاقا مع الاتحاد الاوروبي المادة 36 من اتفاقية الشراكة مع الإتحاد الاوروبي توجب إلغاء الوكالات الحصرية.
جابر: إنجاز
وقال النائب ياسين جابر لـ”الجمهورية”: نحن اليوم آخر دولة في العالم تلغي الوكالات الحصرية، كان ما يزال هناك دولتان هما لبنان والامارات التي بادرت الى إلغاء الوكالات الحصرية منذ عشرة ايام.
اضاف: بإقرار قانون المنافسة نستطيع ان نقول اننا فَكّينا هذا الحصار، نحن فعلياً لا نلغي مبدأ ان تتعاقد شركتان مع بعضهما البعض، ولكن نحن نلغي الحماية التي توفرها الدولة لأجل فرض هذه الحصرية.
وقال: ما حصل في مجلس النواب امس هو إنجاز، خاصة اننا كان يجب علينا ان نقوم بهذا الامر منذ زمن بعيد، لأننا عندما وقّعنا اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي في العام 2002، كنا ملزمين بهذه الاتفاقية ان نقوم بهذه الخطوة، ولكن مع الاسف تخلفنا. وفي العام 2004 أقر المجلس النيابي إلغاء الوكالات الحصرية، ولكن رئيس الجمهورية اميل لحود قام برد القانون آنذاك.
واكد ان ما حصل هو انجاز كبير جدا، وان شاء الله لا يتعرض لنكسة جديدة اذا ردّها رئيس الجمهورية. ولكن اعتقد ان الجميع في النهاية توافقوا على هذا الموضوع لأنّ الامور لم تعد تحتمل، خصوصا ان الامور توضّحت لناحية وجود نحو 3 آلاف وكالة فاقدة لشرعيتها وصلاحيتها ولكنّ الدولة كانت ما تزال مستمرة بحمايتها.
ولفت الى وجود تقدم كبير في موضوع منع الاحتكار وتحقيق المنافسة لأنّ القانون لا يتعلق فقط بموضوع الوكالة الحصرية، بل هو يتعلق بشكل عام بأن يكون هناك منافسة، ولكن رغم كل ذلك نأمل الا ينضَم هذا القانون الى نادي القوانين غير المطبقة، فلقد سبق وفرحنا فرحا عظيما بإقرار قانون الشراء العام، وحتى اليوم، لم تتم اي خطوة عملية لوضعه موضع التنفيذ، حيث لم يخصصوا له اموالا ولا اي شيء آخر. وهنا اؤكد ان كل القوانين ذات البعد الاصلاحي لا بد ان يبدأ تنفيذها لأنّ الوضع اللبناني لم يعد يحتمل.
وكانت الهيئة العامة للمجلس التي انعقدت امس في قصر الاونيسكو، قد أقرّت، اضافة الى قانون المنافسة، مجموعة من مشاريع واقتراحات القوانين، ومنها اقتراح قانون فتح مهلة رفع السرية المصرفية المرتبطة بالتدقيق الجنائي. واحالت الى اللجان النيابية اقتراح القانون المتعلق بالاستقلالية القضائية بطلب من وزير العدل بذريعة انه لن يتبلّغه الا من ثلاثة ايام ولم يتسنّ له الوقت الكافي لدراسته، فبادره بري قائلا: لو انك “قبضاي هيك قدّام” مجلس القضاء الاعلى.
وكان من المقرر ان تعقد الجلسة التشريعية على يومين (امس واليوم) الّا ان النصاب قد فقد في جلسة الامس، ورفع الرئيس بري الجلسة من دون الدعوة الى استئنافها اليوم.
توضيح رئاسي
في سياق متصل، اوضح مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية ان “لا صحة للادعاءات بأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يعارض تنفيذ القانون الرامي الى إلزام المصارف العاملة في لبنان صرف مبلغ 10 آلاف دولار اميركي وفق سعر الصرف الرسمي للدولار للطلاب اللبنانيين الجامعيين الذين يدرسون في الخارج قبل العام 2020-2021 المعروف بـ”قانون الدولار الطالبي”، والصحيح أن الرئيس عون اعاد القانون الى مجلس النواب لإعادة النظر فيه بعدما وجد في متنه ثغرات دستورية وقانونية لا بد من تصحيحها بهدف تحصين هذا القانون كي يؤدي الهدف المبتغى والمنشود من اقراره والمتمثّل بتمكين الطلاب اللبنانيين الجامعيين من إكمال دراساتهم في الخارج، الامر الذي يجب أن يكون متاحا في الاصل للطلاب اللبنانيين الجامعيين الذين يتابعون دراساتهم سواء في لبنان او في الخارج، حفاظا على المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين من دون تمايز او تفضيل”.
واشار مكتب الاعلام الى انه “من بين الثغرات في القانون اعتماد مبلغ 1515 ليرة كسعر للصرف الرسمي للدولار الاميركي، في وقت لا يزال سعر صرف الدولار الاميركي يتعرض للتبديل مع وجود قرارات وتعاميم ومنصات أدّت الى تشتيت السعر المرجعي للدولار الاميركي بالنسبة الى الليرة. وكذلك فرض القانون عقوبات على المصارف في حال تمنّعها عن التنفيذ حتى تلك التي لا ودائع لديها من الطلاب المشمولين بالقانون او أوليائهم، إذ كيف يمكن لأي مصرف ان يدفع مالاً لمن لا ودائع لهم فيه؟”.
قضية المرفأ
قضائياً، أفيد امس انّ النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر قد تقدّما بواسطة وكيلهما القانوني، أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، بدعوى مخاصمة الدولة ضد رئيس الغرفة الأولى لمحكمة التمييز القاضي ناجي عيد، الناظر في طلب رد المحقق العدلي في انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار، وتبعاً للطلب الجديد بردّ القاضي عيد، وهو الرابع من نوعه، يتوقّف النظر بطلب رد القاضي البيطار عن متابعة التحقيق بالملف.