‎”‎نصيحة” عربية للبنان: “أوقِفوا الحفر‎”!‎

كتبت صحيفة ” نداء الوطن ” تقول : من السراي الحكومي، يستأنف الرئيس نجيب ميقاتي نشاطه الأسبوعي اليوم كاسراً حاجز ‏الاعتكاف النفسي في “ستاركو” ليؤكد بقاءه متربعاً على كرسي الرئاسة الثالثة، حتى يبلغ ‏التعطيل مداه ويفكّ “حزب الله” الحظر عن مجلس الوزراء. وعلى وقع احتدام الأزمة ‏الحكومية وتشعّب تداعياتها وتعقيداتها الداخلية والخارجية، يحطّ وفد جامعة الدول العربية في ‏بيروت اليوم لمعاينة عمق الأزمة اللبنانية عن كثب وعقم الطبقة الحاكمة عن إنتاج الحلول ‏اللازمة لها، وسط رسائل غير ودية حرص “حزب الله” على توجيهها للعرب عشية الزيارة، ‏سواءً عبر رفع مسؤوليه منسوب التصعيد الكلامي في مواجهة المملكة العربية السعودية، أو ‏من خلال تقليل قناة “المنار” من جدوى وأهمية ما سيحمله “الزائر العربي”، مستبعدةً أن ‏يخرج عن “الأجواء العبثية السعودية” انطلاقاً من تساؤلها عما إذا كان أتى بوصفه “مجرد ‏ساعي بريد لتبليغ بيروت الحكم الجائر بلبوس عربي”؟‎

وفي المقابل، لا يبدو وفد الجامعة العربية رافعاً سقف توقعاته إزاء نتائج زيارته اللبنانية، ‏نتيجة عامل الخبرة والتجارب السابقة مع أركان السلطة، بحيث نقلت مصادر مواكبة لأجواء ‏الزيارة العربية معلومات تفيد بأنّ الوفد الذي يرأسه الأمين العام المساعد السفير حسام زكي، ‏‏”لا يحمل أي مبادرة محددة إنما يحصر مهمته بإعادة توكيد البعد العربي للبنان في مواجهة ‏المحاولات الحثيثة لسلخه عن جلدته العربية”، مشددةً على أنّ المسعى العربي سيتخذ شكل ‏‏”النصيحة بضرورة لجم نهج “التدمير الذاتي” الذي أوقع البلد وأبناءه في حفرة سحيقة من ‏البؤس والهلاك والتناحر، لتكون الرسالة بهذا المعنى واضحة إلى المسؤولين: إن لم تكونوا ‏قادرين على الخروج من الحفرة، أقلّه أوقفوا الحفر تحت أقدامكم‎”.

وتزامناً، رفع البطريرك الماروني بشارة الراعي الصوت في مواجهة “ممتهني تعطيل ‏المؤسّسات الدستوريّة، والحياة الإقتصاديّة، وإفقار الشعب وإفشال جميع الوساطات الداخلية ‏والخارجية”، فخصّص الأغلب الأعم من مضامين عظة الأحد لتعرية مكامن العطل الحكومي ‏والعطب القضائي في البلاد، مشيراً إلى أن التماهي الحاصل بين “تعطيل الحكومة، وتعطيل ‏نشاط القضاء المنزّه والحيادي والجريء‎”.

وفي هذا الإطار، صوّب الراعي بالمباشر على “القضاة غبّ الطلب لدى بعض المسؤولين ‏والأحزاب والمذاهب” في قضيتي انفجار المرفأ وأحداث عين الرمانة – الطيونة، مؤكداً أنّ ‏‏”بعض القضاة يُعزّزون الشكَّ بالقضاء من خلال مشاركتهم في تعطيل التحقيق في تفجير ‏المرفأ أو تعليقه أو تجميده، أو زرع الشكِّ في عمل المحقِّق العدلي” القاضي طارق البيطار، في ‏إشارة واضحة إلى أداء القاضي حبيب مزهر الذي تجاوز صلاحياته وأصدر قرار كف يد ‏البيطار عن ملف المرفأ، محذراً من “جريمة” تحويل بعض القضاة القضاء إلى “مربّعات ‏حزبيّة وطائفيّة ومذهبيّة‎”.

وإذ استهجن ما يجري على صعيد تحقيقات انفجار 4 آب من “طعن وراء طعن، وردّ وراء ‏ردّ، ونقض وراء نقض، وتعليق وراء تعليق”، مستغرباً “هذا الإستخفاف بدماء أكثر من 200 ‏ضحيّة، وستة آلاف جريح، ودمار نصف بيروت وضواحيها، وتشريد مئات العائلات”، ‏انسحب كذلك استغراب البطريرك الماروني على مجريات التحقيق الجاري في قضية أحداث ‏الطيونة – عين الرمانة، فشدد على عدم جواز حصول “توقيفات وتمديدها من دون مسوّغ ‏قانوني وقرينة فقط كرمى لهذا الطرف أو ذاك”، داعياً القضاء إلى أن يكون “حيادياً تجاه ‏الجميع” وإلى ضرورة “الإسراع في التحقيق والإفراج عن كل من تثبت براءته‎”.

ولاحقاً، أكد الراعي خلال استقباله وفداً من أهالي موقوفي عين الرمانة على أنّ ما يعيشه البلد ‏هو “نتيجة التخاذل من خلال السلاح المنتشر يميناً وشمالاً، وهذا التخاذل هو استخفاف ‏بالقضاء وبالناس وبالارواح”، وأضاف: “عندما يصبح القضاء تابعاً لهذا الحزب او لهذا الدين ‏او لهذه الطائفة او لهذا المذهب نكون أصبحنا في شريعة الغاب، ونحن لا يمكن أن نقبل ‏بالتضحية بثقافة العدالة المحقة والمنزهة والمجردة، وسنبقى نناضل‎”.‎