قد يكون يوم غد الثلاثاء الفرصة الأخيرة أمام تأليف الحكومة. إذا لم يتمّ تخطّي العقبات المتبقّية، فإن اعتذار الرئيس المكلّف سيعود مجدداً إلى الواجهة، إلا إذا فعل التواصل الفرنسي- الإيراني فعله وفتح الباب أمام التأليف، مدعوماً بضغط أميركي كبير على ما تردد أمس. في المقابل، عاد التيار الوطني الحر ليلوّح بمعادلة الاعتذار يقابله الاستقالة من المجلس. وفيما يزداد الوضع المالي والاقتصادي تأزّماً، أتى الضوء من سوريا التي رحّبت باستجرار الغاز عبر أراضيها، في الاجتماع الرسمي الأول الذي يعقده وفد وزاري لبناني في دمشق. المبادرة التي مهّدت لها أميركا برفعها الفيتو عن التواصل مع سوريا، يُفترض أن تستكمل بقرار سيادي لبناني يُفعّل الاتفاقات الثنائية لما فيه مصلحة البلدين.
حتى اليوم، لا يزال التأليف لغزاً. ينام الناس على خبر تأليف الحكومة صباحاً ويصحون على عقَد لم تكن موجودة في اليوم الذي سبق. هذه المرة ضُرب موعد جديد لزيارة ميقاتي إلى قصر بعبدا. يوم غد الثلاثاء ليس موعداً حتمياً لتأليف الحكومة، لكنه موعد لحسم ما إذا كانت ستُؤلّف أم لا. على ما يتردّد، فإن ميقاتي سيزور رئيس الجمهورية غداً حاملاً معه تشكيلة جديدة. لكن إذا لم يتم الاتفاق قبل أن يحين موعد الزيارة على حل لمسألة حقيبة وزارة الاقتصاد، وإذا لم يسحب ميقاتي مطلبه المستجد بالحصول على حقيبة الطاقة، كما تؤكد مصادر مطلعة، فإن يوم غد سيكون موعد الارتطام بالمجهول، من دون أن يعرف ما إذا كانت الخطوة التالية لميقاتي ستكون الاعتذار، لثقته بأن رئيس الجمهورية لن يصدر تشكيلة لا يملك الثلث المعطل فيها، أم ستكون البحث عن مسعى جديد أو توليفة جديدة، لا تكون حكماً على شاكلة تشكيلة الـ 14 وزيراً التي طرحت للتداول بشكل غير رسمي.
ولأن هامش المناورة يضيق، نشطت اتصالات على أكثر من صعيد لتذليل العقبات الأخيرة تمهيداً لإعلان التشكيلة الحكومية. ولذلك، فإن 48 ساعة حاسمة تنتظر التشكيل. وإذا كانت مصادر مقربة من عملية التأليف تبقي على حذرها، مفضلة الإشارة إلى تساوي فرص التشكيل والاعتذار، فقد كانت التغريدة التي نشرها النائب جميل السيد كافية لتعيد الأمل بإمكانية الحسم. السيد أعلن أنه خلال الـ24 ساعة الماضية جرت اتصالات أميركية رفيعة المستوى بالرئيسين عون وميقاتي لتشكيل الحكومة في أسرع وقت. وقد ترافق ذلك مع مسعى فرنسي مكثف نتج منه تفاهم شبه نهائي على حكومة من ثمانية وزراء لكل فريق.
لكن مصادر التيار الوطني الحر لا تزال على موقفها الرافض لحكومة وفق صيغة «3 تمانات»، وهو ما يرى فيه التيار «مثالثة غير مقنّعة». وتشير المصادر إلى أن المشكلة ليست في «ثلث معطِّل» لم يطالب به رئيس الجمهورية، بل في أن الرئيس المكلف يُخرج مطلباً جديداً كلّما تم الاتفاق على الشكل العام للحكومة. وتشدّد المصادر على أن العقدة ليست في حقيبة محددة، ولا في تسمية الوزيرين المسيحيين، بل في «مجمل الحكومة». وتؤكّد المصادر أن الحكومة يجب أن تُبصر النور قريباً جداً، وكان يجب أن تتألف منذ مدة، ومن الممكن أن تُعلَن في أي وقت في حال لم تُخترع مطالب جديدة.
(جريدة الاخبار)