إبراهيم درويش
يوم أصبحت الحياة في لبنان موتاً مؤجّلا و معجّلاً…
يبسط الموت أجنحته في لبنان، متنكّرا بأزياء مختلفة، فحفلات الدّم متواصلة، وتفتح الشهيّة، للرقص فوق أشلاء الموتى، وباتت الحياة هنا، ترفاً لمن استطاع إليها سبيلا.
يوم هوت بنا سفينة النجاة الى القاع، وباتت تلاطمنا، أمواج القهر والوجع بلا رحمة، إعتقد البعض، أنها تباشير الخلاص، على درب ولادة جديدة، بعدما كُشف المستور، وكان من المفترض أن تحدّد وجهة المعركة، بين مواطنين مسلوبي الحقوق، وكارتيلات سياسيّة -إقتصاديّة، فتحت أبواب الجحيم بوجه الآمنين والفقراء.
على هامش وصول الدفعة الأولى من لقاحات بفايزر، التي كان ينتظرها اللبنانيون، علّها تشكّل مساحة أمل، وسط هذا البؤس المستشري، كانت محلة الليلكي، على موعد مع فيروس قاتل، نخر أفئدة ساكنيها، ودبّ الذعر والرعب، في بواطن جميع من طاله الرصاص والقذائف، وأغتيل معنويّا كما يحصل كل يوم، وبات يرتقب ساعة فرج قبل أن تخترق رصاصة أو قذيفة طائشة شرفة منزله.
ساحة حرب حقيقيّة، شهدتها الليلكي ليلا، كان الرصاص الحيّ أحد أهم ادواتها، مصحوبا بقذائف وقنابل، حولّت المنطقة الى ساحة موت مجانيّة.
في ليلة، مماثلة لما حصل أمس، يصبح سبب الإشكال تفصيلا، فحالة الهلع والرعب، كانت كفيلة بتحويل المنطقة، والمناطق المجاورة الى بؤرة جحيم، مزنّرة بالدّم.
ما حصل أمس، هو ورقة نعوة لهذه الدولة، بنظام حكمها وإدارتها، في وقت ينشغل الساسة، بحساباتهم، التي لا تقارب، حسابات وأوجاع الفقراء، وبناء عليه، تصبح الأولويّة، ليست الشروع بالبحث في خطّة اقتصادية، بل رحلة طويلة من البحث عن ما يشبه شكل دولة لوطن أشبع إغتصابا، حتى باتت مسخاً، مشوّهاً، يترنّح، ويحاول أولياؤه تأجيل مراسم تشييعه.
أسوأ ما في الأمر، أن لا أحد يملك ضمانات، ولا تطمينات، لمنع تكرار ما حصل، في وقت بات الجميع يعرف، أنّه مع تواصل تشظّي هذه الدولة، سيصبح الفلتان الأمني نهجاً يحتذى، بعدما ساهمت الدولة، في إقناع الناس، أنها تخلّت عنهم، وبات كثيرون، شعارهم الوحيد ” اللهم نفسي” على حساب كل شيء.
في بلد، مواطنون مقهورون، مسلوبو أبسط الحقوق، ينهشون بعضهم بعضا، تجار يقتاتون من وجع الناس، فساد، إضمحلال تام للدولة، غياب الخطط، وتحجّر العقلية الحاكمة، مشهد لا يمكن أن يؤدي، الا الى شريعة غاب، يجد فيها “الأقوى”، بعيدا عن المفهوم الحقيقي، لكلمة القوّة، أن يملك القدرة على فعل أي شيء، ما دام يملك الأدوات، والمقدرة، وباتت صناعة الموت، الحرفة الوحيدة التي يتقنها اللبنانيون.
سدّت أفق الخلاص هنا، وما بات اللبناني يرتجيه أن يحسن الله خاتمته.