ايللا.. الطفلة المعجزة في زمن الإنكسارات، الأمل في أيام اليأس والانكسار.
تلك الطفلة التي لم ترضخ ولم تنكسر.. بل كانت مثالا للشجاعة، والإنتصار على الظروف التي فرضها عليها أطباء، أقسموا على حماية الأرواح، لكنهم كانوا سببا لبتر أطرافها..
المشكلة الجسديّة التي تعاني منها ايللا، لم تحرمها طفولتها ولم تجعلها مختلفة عن باقي أفراد جيلها، فبإيمان عائلتها وإصرارها على نقل الصورة كما هي، بلا أي تجميل، ودعمها الدائم لطفلتها، رسمت طريق العبور الى بر الأمان.
أسرة جعلت الحب علاجا لكل الأوجاع، فكانت ايللا ثمرة العطاء، ايقونة الصبر، وشعلة الأمل لمن لا أمل له.
رحلة علاج طويلة بدأتها ايللا من لبنان إلى فرنسا إلى لبنان مجددا.. تصفها والدتها ايليان في حديث لـ “العربي المستقل” بالرحلة الطويل القاسية، تخللها خوف ووجع، لكن الأمل كان رفيق درب تلك العائلة، التي لم تستلم ولم تتراجع، وكان إيمانها الراسخ، بأن إيللا ستكون بخير.
بعد سلسلة عمليّات أجريت في فرنسا وتركيب أطراف اصطناعيّة وجلسات physiotherapy، لم تكن كافية لتتمكن ايللا من السير من دون مساعدة، وبعدما رأى الأطباء أنه من الناحية الطبية لم يعد هناك ما يمكن تقديمه، ويبقى الامر متروكا للوقت، حتى تستطيع ايللا التأقلم والسير وحدها، فارتأت العائلة ان تعود الى الوطن، بحسب الوالدة.
ايللا، مثلها كمثل غيرها من ابناء جيلها، وقبل الإقفال كانت ترتاد المدرسة، من دون أن يشكل ما تعرضت له حاجزا يمنعها استكمال حياتها، فدعم اهلها الكبير لم يشعرها بأي نقص، بل على العكس، كان حافزا كبيرا لها، خصوصا وأنها على دراية تامّة بما حصل معها في صغرها، فهي التي تعلم جيدا أن فقدانها لأطرافها كان خيراً من خسارتها حياتها.
ايللا الطفلة، التي غزت صورتها مواقع التواصل، وبعد أن أثارت كتابتها الأحرف الأولى، موجة تفاعل كبيرة لدى متابعي حالتها ومحبيها، لم تكن للتمكن من الوصول الى ما وصلت اليه لولا دعم عائلتها، وصبر والديها.
تتحدث الوالد بصوت يختلط فيه شعور التعب، مع الفخر والحب، عن مسيرة التحدي، وتشير الى أنّها تعلّم ايللا كل ما يجب ان تتعلمه وتقوم به بيديها، وبعد البدء رحلة تعليمها كيفيّة تناول الطعام، وصولا الى الإمساك بالقلم، حتى الكتابة والرسم، ها هي اليوم تشارك برقصات المدرسة، فضلاً عن تعلّمها العزف على البيانو.
اما فيما يتعلق بما توصل إليه القضاء، بقضية ايللا، تؤكد الأم، انه “بعدما تم تعيين لجنة من القضاء برئاسة نقيب الاطباء الحالي شرف ابو شرف الذي كان حينها رئيس اللجنة الطبية لدراسة ملف ايللا وبمشاركة مجموعة من الأطباء من لبنان والخارج من أجل مزيد من المصداقية، أصدرت اللجنة تقريرها بأن الخطأ الطبي بحق ايللا واضح، وحمّلت الأطباء والمستشفيات المسؤولية، وعندها اصدر قاضي التحقيق الرئيس جورج رزق قراره الظني، ودان من تسبب بما حصل مع ايللا، أحيل الملف الى القاضي المنفرد الجزائي حينها، الى أن صدر الحكم العام الماضي بإدانة الاطباء والمستشفيات، وبعدما ربحت العائلة الدعوى لجأ المدعى عليهم لاستئناف الحكم”.
وتابعت الوالدة “نحن حاليا في المرحلة الإستئنافية وكان هناك جلسة في 12 من الشهر الحالي للمرافعة بالقضية، لكنها تأجلت بسبب الإغلاق العام، على أن يعاد تحديد موعد جلسة أخرى بعد انتهاء الإغلاق، ومن المفترض أن تكون الجلسة الأخيرة، إذا لم يطرأ اي تطوّر”.
وأضافت والد ة ايللا “على الرغم من أن المسار القضائي في لبنان كان طويلا جدا، الا أننا تثق بالقضاء، ونحن على يقين انه سيعطي ايللا حقها ولن نقبل بظلمها مرة أخرى، خصوصا وأنّ التقارير واضحة”.
إصرار وثبات ايللا يفاجئ أقاربها قبل الغرباء، فهي بحسب والدتها “مدرسة بالعزيمة والدقّة وهي تعطي الأمل لمن حولها بطيبتها وابتسامتها الدائمة واعتمادها على نفسها وامتتناها لولادتها التي تقف الى جانبها دائما وتدعمها بكل خطواتها، فايللا تستحق الوقوف الى جانبها ودعمها لأنها صاحبة حق، وستبقى ايللا ايقونة الصبر وشعلة الامل.. لكل من يعاني من صعوبات أو ظروف قاسية.
ايللا اليوم، بدأت مرحلة جديدة، لتثبت أن الظروف لا يجب أن تكون سبباً للانطواء والعزلة والبعد عن المجتمع، فالإرادة والإصرار يكون بوابة تطويع الصعاب.
والدة إيللا قبل أول يوم من إرتيادها المدرسة، حضّرت الأطفال لاستقبال زميلتهم، التي حملت الهدايا لأبناء
صفّها في خطوة ساهمت باندماجها مع رفاقها.
العربي المستقل- ميسم بوتاري