إذا كانت مهمّة الرئيس جو #بايدن توحيد الأميركيين خلفه بعد سنوات من الخلاف أمراً بديهياً، فالمشكلة تكمن في معرفة الأسلوب الفعال لتحقيق ذلك. هل يستمر حزبه في مساءلة الرئيس السابق دونالد #ترامب؟ أم يطوي صفحة الماضي من أجل دفع المجتمع الأميركي إلى التماثل للشفاء؟
يدعو الخبير في شؤون شرق آسيا أس نايثان بارك إلى اعتماد الخيار الأول مستنداً إلى تجربة شبيهة جداً بأحداث السادس من كانون الثاني حصلت في #كوريا الجنوبية. تحت عنوان “إنه وقت العدالة لا الشفاء”، سرد في مجلة “فورين بوليسي” أحداث 10 آذار 2017 في سيول. حينها، وافقت المحكمة الدستورية على اتهام بارك جيون هاي بالفساد.
هزم حكم القانون والمسار الديموقراطي رئيسة محافظة وحاول حشد غوغائي قلب النتيجة بالقوة. فشل انقلاب العاشر من آذار كما حدث في السادس من كانون الثاني لكنّ الأول كان أقرب إلى النجاح. بدأ الأمر حين اتهم البرلمان الكوري الجنوبي بارك في كانون الأول 2016. بقي على المحكمة الدستورية تحديد مصيرها.
كان فريق المكتب الرئاسي المقرب من بارك واثقاً من نجاتها السياسية إلى درجة أنّه أعدّ قالب حلوى للاحتفال. وأبدى جمهور بارك ثقة مماثلة لأنّها احتاجت إلى ثلاثة أصوات رافضة من أصل ثمانية كي يسقط الاتهام. في العاشر من آذار، تجمع مناصرو بارك أمام المقر الرئاسي. عند الحادية عشرة قبل الظهر، أعلن جميع أعضاء المحكمة الدستورية قرارهم إقالة بارك من الحكم.
طوال بضعة دقائق، غرق الجمهور في الصمت. لكنّ أحد الحاضرين صرخ على مكبر الصوت: “أتينا إلى هنا مستعدين للموت. انتفضوا! نحتاج إلى إظهار كم نحن مُرعِبون!”. حين تردد الحضور طالبهم شخص آخر بالاستماع إلى الأوامر.
عندها انطلق الحشد ممارساً التخريب وتسلح بكل ما كان موجوداً في الساحة وهاجم الشرطة والصحافيين. استولى أحد المشاغبين على حافلة للشرطة واصطدم بحاجز. وضرب آخرون الشرطة بالهراوات. قُتل أربعة متظاهرين وجُرح 33 شرطياً.
لم يطلق الرئيس مون جاي-إن الذي انتُخب بعد إقالة بارك وعوداً بتوحيد المجتمع. تعهد التخلص من المشاكل المتراكمة و”تنظيف المنزل”. رأى مون أنّ المشاكل ليست وليدة جرائم بارك بل تمتد إلى عقود سابقة من بينها العلاقة الودية بين الشركات الكبيرة والحكومة والإعلام المحافظ الذي انخرط في حملة تضليل بعكس الإعلام الليبيرالي الذي غطى نشاطات كلا الطرفين وفقاً للكاتب.
حاكمت إدارة مون الرئيسين السابقين بارك وسلفها لي ميونغ-باك بـ 22 و 17 سنة من السجن بسبب الفساد والتعسف باستخدام السلطة. وألغيت إمرة الأمن الدفاعي واستُبدلت بمؤسسة أصغر وأقل سلطة. وتم تطهير البيروقراطيين غير السياسيين الذين دعموا بارك في أهدافها.
يرى الكاتب أنّ هكذا حملة هي ضرورية حتى ولو شنّها حزب واحد طالما أنّ الحزب الآخر انتهك المسار الديموقراطي، مطالباً بتفكيك القوى الهيكلية التي أدت إلى هذه النتيجة. وذكر أنّ المحافظين والمراقبين الدوليين الذين لم يملكوا فكرة عما كان يحصل قالوا إنّ كوريا الجنوبية كانت تجنح نحو التسلط بقيادة اليسار.
لكنّ 80% من الكوريين الجنوبيين وافقوا على حملة مون وفاز الحزب الديموقراطي بفارق كبير خلال الانتخابات اللاحقة. وأصبحت مؤشرات حرية الصحافة وصحة الديموقراطية الأولى في آسيا ومتقدمة على #الولايات المتحدة بحسب “مراسلون بلا حدود” و “وحدة الاستخبارات في مجلة إيكونوميست”.
وأضاف الخبير نفسه أنّ كوريا الجنوبية شهدت أحداثاً محرجة مثل إخفاقها سنة 2015 في مواجهة “متلازمة الشرق الأوسط التنفسية” بسبب الفشل في منع تفشي الفيروس داخل مستشفى واسع. لكن بعد أربع سنوات، تحصل كوريا الجنوبية على إشادات من العالم لنجاحها في تسطيح منحنى إصابات “كورونا” للمرة الثالثة بينما تعاني أميركا الشمالية وأوروبا في مواجهة الموجة الثالثة.