فاطمة الدر _ العربي المستقل
ما بين سياسة الانتداب وسياسة الاحتلال تتأرجح النسخة الجديدة من قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 وهو القرار أو الذريعة التي يتمسك بها العدو لاستكمال الحرب.
هذه الأرقام الأربعة التي باتت تتردد على مسامعنا مع كل ذِكر أو اقتراح لوقف إطلاق النار لم تغب البارحة في حضرة الموفد الاميركي بل كانت على قائمة الهرم، لكن هذه المرة بمعالم جديدة تحاول أن تكون شبيهة بتلك التي وُضعت لإنهاء حرب تموز عام 2006، لكن شتان ما بين الذل والكرامة.
ماذا تضمن القرار عام 2006 ؟
* وقف كامل للأعمال العدائية (فقرة 1)
* سحب “إسرائيل” لجميع قواتها من لبنان بالتوازي مع انتشار جنود لبنانيين واليونيفيل في مختلف أنحاء الجنوب (فقرة 2)
* حلُّ طويل الأمد يعتمد على (فقرة 8)
* نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان (أي حزب الله)
* لن تكون هناك قوات مسلحة غير اليونيفيل واللبنانيين (أي حزب الله والقوات الإسرائيلية) جنوب نهر الليطاني
* لن تكون هناك قوات أجنبية في لبنان دون موافقة حكومته
* تزويد الأمم المتحدة بجميع خرائط الألغام الأرضية في لبنان التي بحوزة إسرائيل
ويؤكد القرار في الوقت نفسه أيضًا على:
* أهمية السيطرة الكاملة للحكومة اللبنانية على لبنان (فقرة 3)
* الحاجة إلى معالجة عاجلة لمسألة الإفراج غير المشروط عن الجنديين الإسرائيليين المختطفين، اللذين تسببا في نشوء الأزمة الحالية.
ويؤكد القرار أيضاً على دعم مجلس الأمن القوي لـ
* الاحترام الكامل للخط الأزرق (فقرة 4)
* السلامة الإقليمية والسيادة والاستقلال السياسي للبنان داخل حدوده المعترف بها دولياً (فقرة 5)
ماذا تضمنت النسخة الجديدة التي عرضها الموفد الاميركي عاموس هوكشتين:
. توسيع النطاق الجغرافي لسلطة القرار الدولي، إلى شمال نهر الليطاني.
• حق القوات الدولية في تفتيش أي نقطة أو مركبة أو موقع أو منزل.
. حق القوات الدولية في القيام بدوريات مفاجئة من دون الحاجة إلى إذن من السلطات اللبنانية.
. مسح المناطق التي يشملها النطاق الجغرافي للقرار عبر المسيرات، والدخول إلى ممتلكات خاصة.
• التدقيق في هوية السفن المتجهة إلى المرافئ اللبنانية.
. نشر أبراج مراقبة ونقاط تدقيق على طول الحدود البرية للبنان مع سوريا.
ما بين هذا وذاك خطة ممنهجة ترمي لإبعاد المقاومة عن الحدود اللبنانية الفلسطينية أولاً، وعن السلطة اللبنانية ثانياً. خطة هدفها ومضمونها لن يكونا إلا لانتهاك السيادة اللبنانية. فهل فعلاً هذه هي قناعة الاحتلال بعزيمة المقاومة اللبنانية والشعب اللبناني وهل يظن أنه قادر على تفرقة الآراء؟ هذا ما دحضه تشبث رئيس مجلس النواب الذي بات واضحاً بالقرار 1701 بنسخته الأولى التي وضعت دون أي إضافات.
أم أنَّ الهدف من هذا التعديل الذي يعلم العدو يقينًا أنَّه سيقابل بالرفض، هو لإلهاء وتلميع الصورة التي تُظهر رغبة العدو بإنهاء عدوانه وتخفي في طياتها “خطة لشرق أوسط جديد”، وهو الحلم الإسرائيلي الذي يرمي له نتنياهو وبات واضحاً في تمسكه في ما يظن أنه فرصة ذهبية لن تتكرر وعليه استغلالها لإقامة “أحلامه”.
يسعى العدو أن يفرق الشعب اللبناني بطرق عدة آخرها هذه المزاعم بإنهاء الحرب لتأليب الآراء على المقاومة كي يوصل الصورة المفبركة أن إسرائيل تريد السلام والمقاومة تريد العدوان، لكن مهما كاد كيده وسعى سعيه فلن يرى ما يريد لنا أن نراه إلّا أعمى البصيرة.
وفي صورة أعمق نرى بريق المقاومة من جديد في هذا الطلب فسابقاً أُثير القرار 1559 الذي ينص على نزع سلاح حزب الله، أما البارحة فقد غاب هذا القرار عن لائحة الوفد الذي تراجع عنه وعاد ليتحدث عن القرار 1701.
لماذا تراجع العدو عن إثارة هذا المطلب؟
في سابق الأيام وبعد موجة قاسية من قِبل العدو على حزب الله إبتداءً من عملية تفجير البايجر وما تلى هذا الحدث من سلسلة أعمال إرهابية ووحشية جاء أبرزها الحدث الأكبر وهو اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله راهن العدو وغيره على ضعف المنظومة العسكرية والميدانية خاصةً بعد مزاعم كثيرة أنه قضى على قدرات حزب الله العسكرية وقادته والعقول النابغة والمفكرة،
لكن سناريوهات الميدان كان لها قلم مختلف خُطَّ به حكايات نصر وبطولة تسير عكس مسار ظنونه لتوضح أنَّ المقاومة على حالها لا بل أقوى وأنها استعادت زمام الامور بإبراز قواتها فعلاً لا قولاً وبات واضحاً للجميع أن حزب الله لم يضعف ولن يخنع وأنه على أهبة التصعيد إذا لزم الأمر وقادر أن يصل إلى بيت رئيس وزراء إسرائيل ويتبنى هذا علناً معلناً بسالته وشجاعته واستعداده.
فهل يأتي التراجع عن القرار 1559 صدفة أم أنه بدأ بتقليص أحلامه لتلامس واقع المقاومة؟
ماذا عن اغتيال ناتنياهو
جاءت هذه المحاولة بعد وابل من الادعاءات والاعتداءات والتصعيد الذي ظنَّ نفسه “لا مردوع” وبعد مزاعم جيش العدو التي تدَّعي القضاء على ذخيرة الحزب وما يقتنيه من أسلحة فتاكة وصواريخ ذات قدرة عالية وفعالة لتثبت كذب وتشويه العدو لقدراته العالية من خلال مسيرة وصلت إلى “ما بعد بعد حيفا” ليس بالمسافة إنما بالمستوى لتحط رحالها في غرفة نوم رئيس وزراء العدو حاملة رسالة بصمتِها الذي عبر مروحية اسرائيلية عسكرية ودفاعات العدو الجوية دون اختباءٍ خلف هذا وذاك بل بإعلان رسمي ينفي مزاعم الكيان التي نسبت هذا الفعل لإيران لغاية في نفس يعقوب ليس إلّا، إعلان جاء اليوم متبنياً مفتخراً بهذا العمل تحت سلسلة أعمال ” أفعالنا جهاراً نهاراً” .
وفي السياق العسكري ذاته كانت قد سبقتها شقيقتها التي حطت ضيفة ثقيلة في العشاء الأخير في صالة الطعام داخل قاعدة لواء غولاني للتدريب بالقرب من بنيامينا جنوبي حيفا ملوحة بقدراتها “الميدان لنا” والضغط لن يجدي نفعاً ولن يثمر إلا نصراً.