إبراهيم درويش_رئيس تحرير العربي المستقل
سألت سابقا، هل من الممكن أن نكون امام هدنة إنتخابات اميركية؟ سؤال لا يمكن لأحد الإجابة عليه بدقة، غير الإدارة الأميركية، التي كما نعلم تسير وفقا لخطط ثابتة تعمل وفقها، وترفقها بجملة من البدائل المتاحة لتحقيق الهدف المنشود، إنما هذه الخطط الثابتة، لا يمكن أن تكون منفصلة عن المستجدات والمتغيّرات والاستحقاقات بما تفرضه. فكيف الحال بميدان عسكري مفتوح، وميدان سياسي يشرّع أبوابه مع اقتراب موعد الإنتخابات الاميركية، فضلا عن مفاعيل أي خطة او مقترح عسكريين او سياسيين، يقنعان مراكز القرار، بمسارات مختلفة عن المسارات القائمة.
في حديثه الأخير، لفتني كلام المرشح دونالد ترامب، الذي عبر عن مشاعر أسف لما يحل بلبنان، مثنيا على الطيبة التي تميز شعبه، ووعده باعادة السلام الى هذا البلد.
كلام ترامب، في هذا التوقيت، يجسّد العنصر اللاعب في الإنتخابات الأميركية، ويكرّس سعي قطبَي التنافس لتقديم إنجازات أو وعود أو خطوات لاجتذاب الأصوات العربية والمسلمة، في ظل النقاط المتقاربة بين ترامب وهاريس.
وبعيدا من الغوص في حسابات الولايات والأصوات في لعبة الإنتخابات الأميركية، في متابعة لما رشح عن زيارة المبعوث الأميركي هوكشتاين الى بيروت، فإن الأخير، تحدّث عن خرق اسرائيلي_ لبناني مشترك لل ١٧٠١، مشددا على وجوب التشدد في تطبيق القرار مع بعض التعديلات، من دون الحديث عن الشروط التي استبقت الزيارة، باعطاء ورقة قوة للكيان، للتحرك تحت عباءة القرار الدولي.
مصادر عين التينة، عكست أجواء غير تشاؤمية، كي لا نفرط في التفاؤل بعد التجارب المريرة، للوساطات الأميركية، ولدور الموفدين الأميركيين والغربيين الى المنطقة، انما أشارت المصادر الى ما يمكن البناء عليه، لإحداث خرق ما، لكن هذا ما لا يمكن مقاربته بعيدا من زيارة وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن لكيان الاحتلال، وما ستنتهي اليه.
جزئيات المشهد، لا يمكن ان تكتمل أيضا من دون قراءة حجم التسعير الاسرائيلي للغارات على بيروت، وتحديدا على مناطق مأهولة بالسكان، لم تكن في دائرة الاستهداف سابقا، ومن دون العودة الى الرغبة الأميركية الاسرائيلية لحسم سريع في هذه المعركة، وعدم الدخول في حرب استنزاف طويلة، بدا واضحا ان حزب الله استعد لها، وهذا ما يتجسد في إعادة ترميم بنيته، والضربات التكتيكية للكيان، على إيقاع الخسائر الكبيرة التي يمنى بها جيشه في ساحات الالتحام جنوبي لبنان، تضاف اليها، العمليات المتواصلة في قطاع غزة، بما يزيد من كلفة الحرب، فضلا عن دور جبهات الإسناد، في تنويع مصادر التهديد للكيان.
في المحصلة، لم يعد خافيا، ولم تعد الأمور بحاجة الى البحث والتمحيص، لفهم حقيقة المشروع المرسوم للمنطقة، لكن حسابات الحقل الأميركي-الاسرائيلي، حتى اللحظة، وعلى الرغم من الضربات الموجعة في لبنان، لم توافق حسابات بيدر المقاومة، بمنح الكيان ما عجز حتى اللحظة عن تحصيله عسكريا، ما قد يفرض تجميدا، او تحويلا، او الإكتفاء بما قد تعتبر الإدارة الأميركية أنه تم تحصيله حتى الساعة، وبالتالي، بات يمكن القول للكيان اوقف نيرانك، افساحا في المجال أمام الدبلوماسية الأميركية الغربية العربية، لاستكمال تحصيل ما يمكن تحصيله سياسيا، او إقتصاديا، هذا في حال واحد، ان تكون الولايات المتحدة اقتنعت بهذا الخيار، وستتجنب جر المنطقة الى حفلة جنون دموي ترعاها وتشارك فيها، ولا يمكن لاحد تصور، تكاليفها، ونهاياتها.