الضفة الغربية… معركة الكيان الأصعب
كوثر حمود_العربي المستقل
خصوصيّةٌ وحساباتٌ تجعل من معركة الضفّة ورعب مخيّماتها معركة لا تقلّ أهمية عن معركة غزّة هذا إن لم تكن بالنّسبة للاحتلال معركة تفوقها أهميّةً نظراً لاعتبارات عدّة يُدركها الاحتلال تماماً.
تكادُ الضفّة الغربيّة تكون مشروع العدوّ الأهم ليس من اليوم بل هي مسألة تعود بنا ربّما لأصل المشروع الصّهيوني الكبير، من تصفية القضيّة الفلسطينيّة مرورا بمشاريع الضمّ والاستيطان والحسم التي يتحدّث عنها الاحتلال بهدف تنقية الأراضي المحتلة من كامل الوجود الفلسطيني.
ما يجري اليوم في الضفّة بكامل مدنها ومخيّماتها وقراها ليس وليد السّابع من أكتوبر فالضفة مُستهدفة من قبل ذلك وهي الّتي احتضنت الانتفاضتين. وهو أمرٌ بدوره يُلقي بثقله على المشهد اليوم، بفعل خشية هذا الكيان من إندلاع إنتفاضة ثالثة، في مكان شديد الخطورة عليه، وفي مساحة متداخلة وحساباتها معقدة جدا، أمنيا وعسكريا.
هذا المشروع القديم الجديد والقائم والمُستمرّ العمل عليه يُجابَهُ بمقاومةٍ أيضًا وفق مُعطيات الميدان، ومُجريات أحداثه تُرسل رسالةً واضحة بأنّها حاضرة وجاهزة على خوض الحرب وسلب الاحتلال “أمانه” في مكانٍ وتوقيتٍ، في غاية الحساسيّة والدقّة.
من عودة تفعيل العمليّات الاستشهاديّة وما حصل مُؤخّراً في قلب تل أبيب والعبوّات النّاسفة والعمليّات المزدوجة التي كان آخرها في غوش عتصيون جنوباً تقولُ المُقاومة أنّ كامل جغرافيا فلسطين ليست آمنة وأنّ ثمنَ المُخاطرة بمزيد من التّضييق والعُدوانيّة كبيرٌ جدّاً ليس فقط في التّبعات الأمنيّة والعسكريّة إنّما في الجانب السّياسي أيضا.
وقد خَبِر الاحتلال قبل أكثر من اثنين وعشرين عاماً هذه المُقاومة الباسلة في أضحم اجتياحٍ عسكريٍّ للضفّة والّذي يُعرف ب “السّور الواقي” حينما واجه المُحتلّ قتالاً ضارياً في جنين ومخيّمها والبلدة القديمة في نابلس ومخيّم بلاطة إضافة لمحافظة طولكرم.
واستناداً للتّاريخ تبقى الأبعاد أعلى من المستوى الأمنيّ المُتمثّل بمحاولات الاحتلال التصدّي لتنامي توسّع مجموعات المُقاومة في العدد والأعمال النوعيّة الآخذة اليوم في التطوّر والتّصاعد، ناهيك عن أنّ هذه المخيمات تُمثّل أزمة استراتيجيّة للكيان في الضفّة وقطاع غزة ودول الشّتات بمحيط فلسطين كونها تبقى مُحفّزاً دائماً نحو فكرة العودة والّتي يراها العدوّ ويتعامل معها كونها تهديداً لعقيدته بقيام الدولة اليهوديّة المزعومة وتهجير الفلسطينيّين وهو ما يعمل عليه وفق خطة ممنهجة.
اذا في التّبعات السياسيّة فشل ذلك أيضاً، رغم محاولة تمرير مشاريع التّطبيع أو ما اصْطُلِحَ على تسميته ب “اتفاقات ابراهام” موهو ما ينعكس بدوره على الصّعيدين الثّقافي والإعلامي.
من هنا تظهر عداونيّة الاحتلال خصوصا تجاه مخيمات الضفّة بهدف تدمير الحيّز الجغرافيّ الّذي يضمن بقاء فكرة العودة حيّة.
كلّ ممارسات الاحتلال الوحشيّة وأساليبه أثبتت فشلها لا بل عجزها عن ثني أبناء فلسطين عن التخلّي عن أرضهم رغم المجازر والاقتحامات والاعتقالات والتعذيب لتبقى الحقيقة الساطعة أنّ
طوفان فلسطين أغرق “حلم” الكيان الغاصب بقيام دولته الكبرى كما تقول المقاومة الفلسطينيّة مسنودة بمقاومات المحور “ما أُخِذ بالقوّة لا يُستردّ الاّ بها وهذه الأرض لنا، سنعود إليها وسنُصلّي في القدس مُحرّرة من دنس بني صهيون وبيننا وبينهم الايّام واللّيالي والميدان…”