ميسم بوتاري- العربي المستقل
اشبه بأفلام الخيال والرعب التي لا يمكن للعقل أن يحتويها. ما حصل في قطاع الغزة المحاصر منذ اكثر من خمسة عشر عاما والرازح تحت وطأة العدوان الصهيوني منذ أكتوبر من العام الماضي، حرب جرّب كيان العدو الصهيوني خلالها الوسائل المختلفة للقضاء على أبناء غزة، من القصف الجوي والمدفعي الى التوغلات الميدانية وإغلاق المعابر ومنع دخول المشتقات النفطية والغذاء والمستلزمات الطبية، اضافة الى تدمير البنية التحتية ومنع اعادة تأهيلها، وصولا الى الحرب الجرثومية التي باتت تفتك بالكبير والصغير في غزة.
استشاري طب اطفال و مدير مستشفى كمال عدوان في شمال غزة حسام أبو صفية، وفي حديث خص به “العربي المستقل”، اشار الى أن “في غزة مجوعة من الأوبئة والأمراض الجلدية التي تفتك بالنازحين من شلل الاطفال الى الامراض الجلدية المعروفة وغير المعروفة حتى”، لافتا الى “إكتشاف مئتي حالة بين الاطفال تعاني من أمراض جلديّة غير معروفة بالنسبة لهم، تبدأ بالتهاب يشبه الحروق”.
وعن الانتشار الواسع للأمراض الجلدية في القطاع خصوصا بين الاطفال بسبب جرثومة تصيب الجلد، اشار أبو صفية في حديثه لـ “العربي المستقل”، الى ان السبب يعود الى قلة المياه النظيفة وقلة الاستحمام في هذه الاجواء الحارة وعدم وجود تهوئة وفي ظل تكدس الحالات بمراكز الايواء، مؤدا ان كل ذلك كان سببا اساسيا في حدوث الالتهاب الجرثومي المنتشر “Skin impetigo”، وهو مرض جلدي سريع الانتشار يصيب كل طبقات الجلد ويتسبب بتقرحات والم شديد للطفل”، مؤكدا أن “علاج هذا الفيروس بسيط جدا لكنه غير متوفر في شمال القطاع بالتحديد كما لا يوجد ادوية خاصة”.
واذ لفت الى انه وعلى الرغم من ان العالم كاد ان يحتفل في العام 2026 بالقضاء على مرض شلل الاطفال الا ان كل هذه الامال باءت بالفشل مع بدء اعادة انتشار الفيروس في قطاع غزة، قائلا: “نعيش بغزة حرب بسلاح جرثومي من ضمنها شلل الاطفال والكبد الوبائي والتلوث المعوي المنتشر بكافة مناطق القطاع”
وفيما يخص شلل الاطفال، أكد ابو صفية، أنه “وبفعل الحصار المطبق على قطاع غزة عموما وشماله خصوصا، وفي ظل تعمد الاحتلال منع اصلاح الصرف الصحي، وعدم وجود مياه نظيفة وعدم وجود طعام نظيف، وبشهادة منظمة الصحة العالمية والمنظمات الدولية، وجدوا في مياه الصرف الصحي عينات من الفيروس في احد مناطق قطاع غزة وهذا ما يشكل تهديدا ليس للقطاع فحسب وانما لكل بلدان العالم، مع توقع انتشاره بقطاع غزة واصابة جميع الاطفال فيه، لأنه وللأسف وحتى هذه اللحظة لم يأخذ اي طفل اللقاح المضاد لشلل الاطفال وبالتالي فمن المتوقع جدا”.
وقال ابو صفية: “حتى تاريخه، جميع الاطفال الذين ولدوا منذ بدء العدوان الصهيوني لم يتلقوا اللقاح الذي يؤخذ على جرعات وبالتالي فهم معرضين للاصابة بالمرض”، مضيفا “70% من الاعراض ستكون غير واضحة ورغم ان هذه الاعراض قد تكون خفيفة الا ان الطفل يبقى مصدرا للعدوى التي تنتقل عن طريق البراز واللعاب بالاضافة الى عدم استخدام المياه النظيفة والطعام النظيف، خصوصا وان كل الظروف مهيأة بالقطاع لأن يجتاح هذا الفيروس كافة المناطق وان يصيب كل الاطفال وان يكون مهدد لمحيط قطاع غزة”.
شلل الاطفال بحسب أبو صفية، هو مرض يحدث التهاب بجذاع الدماغ ويصيب الحبل الشوكي المسؤول عن الجهاز الحركي، يتسلل هذا الالتهاب من اسفل الجسم حتى الاعلى، ويحدث شلل تام في عضلات الجهاز التنفسي مما يؤدي الى موت هؤلاء الاطفال بسبب عدم مقدرتهم على التنفس بشكل متواصل.
وعن سوء التغذية الذي يفتك بالقطاع، أشار ابو صفية الى انه “ومع بداية الحرب فُقد ما يقارب 34 طفلا بسبب سوء التغذية واغلبهم كان قبل حوالي ثلاثة او اربعة اشهر عندما كان الحصار على الشمال مطبق وممنوع ادخال الدقيق والطحين وحليب الاطفال لشمال قطاع غزة، ومع ارتكاب العدو مجازر الطحين منها مجزرة النابلسي، حينها وصلت اعداد كبيرة من الاطفال التي تعاني من حالات سوء تغذية شديدة، وعلامات جفاف حاد ومتقدم واضحة من هزلان وشحوب بالبشرة، فقد عدد منهم ممن احتاجوا الى عناية مركزة واكسيجين واستشهدوا على اثر ذلك.
هي اوضاع صحية صعبة يعيشها القطاع عموما وشماله خصوصا في المستشفيات تصارع لتقديم الخدمات الاساسية، وهو ما اكده مدير مستشفى كمال عدوان، مشيرا الى ان المستشفى يقدم الخدمة بالحد الادني و امكانيات صعبة و تحديات كبيرة و بالنسبة لدخول المساعدات فهي محدودة جدا لا تلبي حاجة الناس.