علي خنافر- العربي المستقل
في 9 يونيو 2024، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حل الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي) في خطوة غير متوقعة أثارت الكثير من الجدل السياسي. جاءت هذه الخطوة عقب الهزيمة الكبيرة التي تعرض لها حزبه في انتخابات البرلمان الأوروبي، والتي أظهرت تراجعًا في شعبية التحالف الداعم له وزيادة في نفوذ اليمين المتطرف بقيادة مارين لوبان وتحالف اليسار بقيادة جان لوك ميلنشون.
أكد ماكرون في خطابه للأمة أن قراره نابع من احترامه لإرادة الشعب الفرنسي وضرورة إعادة الثقة في العملية الديمقراطية. وأوضح أن تزايد قوة الأحزاب اليمينية المتطرفة في فرنسا وأوروبا يمثل تهديدًا كبيرًا يجب مواجهته بحزم. وقد أشار ماكرون إلى أن هذا القرار يعكس إيمانه بأن الشعب الفرنسي يجب أن يكون له الكلمة الأخيرة في تقرير مستقبل برلمانه، خصوصًا في ظل الظروف السياسية الراهنة والتحديات الكبيرة التي تواجه البلاد.
نتائج انتخابات البرلمان الفرنسي في يونيو 2024 جاءت على هذا النحو:
– تحالف “إنسامبل” (Ensemble) الداعم للرئيس ماكرون: فاز بـ 230 مقعدًا.
– تحالف اليسار (NUPES) بقيادة جان لوك ميلنشون: حصل على 141 مقعدًا.
– حزب التجمع الوطني (RN) بقيادة مارين لوبان: فاز بـ 89 مقعدًا.
– حزب الجمهوريين (Les Républicains): حصل على 61 مقعدًا.
هذه النتائج تعكس مشهدًا سياسيًا متغيرًا ومعقدًا، حيث لم يتمكن أي حزب من تحقيق الأغلبية المطلقة، مما يضع تحديات أمام ماكرون في تمرير إصلاحاته عبر البرلمان.
ردود فعل الصحافة الفرنسية
الصحافة الفرنسية كانت سريعة في الرد على هذا الإعلان. صحيفة “لو موند” وصفت قرار ماكرون بأنه جريء ومحفوف بالمخاطر، مشيرة إلى أنه يأتي في وقت حرج حيث تتزايد شعبية اليمين المتطرف في فرنسا وأوروبا. بينما اعتبرت صحيفة “ليبراسيون” أن ماكرون قد أقدم على هذه الخطوة كإجراء أخير لإنقاذ موقفه السياسي المتدهور بعد نتائج الانتخابات الأوروبية.
خطوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لحل البرلمان كانت دستورية استناداً إلى المادة 12 من الدستور الفرنسي لعام 1958، والمعروف أيضًا بدستور الجمهورية الخامسة، والتي تمنح رئيس الجمهورية حق حل الجمعية الوطنية (البرلمان).
الأساس الدستوري لحل البرلمان
تنص المادة 12 من الدستور الفرنسي على:
– حق الرئيس في حل الجمعية الوطنية: يحق لرئيس الجمهورية، بعد التشاور مع رئيس الوزراء ورؤساء المجلسين (الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ)، حل الجمعية الوطنية.
– قيود زمنية: لا يمكن حل الجمعية الوطنية خلال فترة الـ12 شهرًا الأولى من انتخابها. كما يجب إجراء انتخابات جديدة خلال 20 إلى 40 يومًا من حل الجمعية الوطنية.
– التكرار: لا يمكن للرئيس حل الجمعية الوطنية أكثر من مرة واحدة في السنة.
أسباب القرار
تضمنت أسباب ماكرون لحل البرلمان:
1- نتائج الانتخابات الأوروبية: الهزيمة الكبيرة التي تعرض لها حزبه في انتخابات البرلمان الأوروبي.
2- صعود اليمين المتطرف: تزايد نفوذ حزب التجمع الوطني بقيادة مارين لوبان.
3- تحالف اليسار: القوة المتزايدة لتحالف اليسار بقيادة جان لوك ميلنشون.
4- الثقة في الديمقراطية: إيمان ماكرون بضرورة إعادة الثقة إلى العملية الديمقراطية من خلال دعوة الشعب الفرنسي لإعادة اختيار ممثليه في البرلمان.
هذه الخطوة تأتي في سياق الأزمات السياسية الكبرى أو عندما يواجه الرئيس صعوبات في تمرير التشريعات عبر البرلمان، مما يجعل الحل الدستوري أداة لتحقيق الاستقرار السياسي وإعادة ترتيب الأوراق السياسية في البلاد.