ما هي العملية البرية التي يستعد لها العدو على غزة؟

العربي المستقل

منذ بداية الحرب على غزة تتكرر على مسامعنا عبارة “العملية العسكرية البرية” التي يجهِّز لها العدو الإسرائيلي. فما هي هذه العملية وما أبعادها، ولما العدو يتضارب في ما بينه حيال ذلك بين مؤيد ومعارض، ولماذا وعلى الرغم من المصادقة على الدخول البري وفقًا لما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية فإنّ الخلافات كبيرة في “الكابينت” أي ما يسمى ب “مجلس وزراء” العدو، وهل ستكون لصالحه أم أنها مخاطرة وحماقة منه؟

يعمل العدو منذ بداية الحرب ليس فقط على إبادة السكان بل أيضًا على تدمير المنطقة بأكملها وزعزعة القاعدة العسكرية الفلسطينية من خلال غارات جوية واسعة وضرب لا يتوقف واستعمال شتى الطرق لإزالة أي عائق سيحول دون العملية البرية بل واستدعاء عدد غير مسبوق من جنود الاحتياط حيث تجاوز ال 300 ألف جندي، والكيان الصهيوني ليس على استعداد لخسارة جنوده خاصةً أن الفكر الصهيوني بعيد كل البعد عن العقائد التي يمتثل بها أهل فلسطين.

وفكرهم لا يؤهلهم إلى الموت من أجل أرض ليست بأرضهم عكس الفلسطيني الذي يُفضّل الشهادة على الخروج من غزّة، بالإشارة إلى أن الجنود التي التحقت كانت تعمل في مختلف المجالات الاقتصادية والزراعية وغيرها فبهذا إسرائيل أوقفت مجالات أخرى في سبيل الحرب وهذا ما يشكل خسائر بشرية وميدانية يخاف العدو وقوعها.

الدخول البري الذي يهدف إلى نزع سلاح قطاع غزة والسيطرة عليها والانتقام مما حصل في ال 7 من أكتوبر، بحد ذاته مغامرة ومخاطرة وإن كثرت التجهيزات والتدابير العسكرية والعتاد، ووجود السكان في المنطقة سيعيق سعيهم لأن الاجتياح البري يحتاج إلى منطقة خالية من المدنيين في المبدأ.

وفي دخوله السابق عام 2014 واجه الكيان الصهيوني الكثير من العقبات تمثلت في الألغام والكمائن وطبيعة غزة التي تحتوي العديد من الأنفاق وأي هجوم مفاجئ وارد في هذه الحالة إلى جانب الجهوزية التي تحظى بها المقاومة الفلسطينية إن كان من الناحية العقائدية أو العسكرية أوالخارجية حيث دخول العدو قطاع غزة بريّاً سيكون بمثابة الشعلة التي ستستدعي التدخل الخارجي لنصرة غزة إن كان من قِبَل المقاومة اللبنانية أو من قِبَل إيران وغيرهم من الدول التي أعلنت استعدادها وإدانتها لما يحصل، إلى جانب الصواريخ والقنابل والعمليات الاستشهادية التي سترافق المشهد كما في الحروب السابقة ، والسيناريوهات كثيرة وجميعها واردة ودخول العدو بريّاً هي نقطة ضغط لا تقل شيئًا عن كونها نقطة ضعف له وهكذا خطوة قد تكلّفه ما لم يكن في الحسبان والعدو وجميع المحللين العسكريين والسياسيين يعلمون ذلك.

يأتي أيضًا كورقة ضغط في هذا السياق إستخدام رهائن العدو من قبل حماس لردعهم من استهداف بعض المناطق والضغط عليهم خاصة بعد إدعاءات العدو بأنه يهدف إلى تحرير هؤلاء الرهائن، وبالطبع هناك المنظمات الإنسانية والدولية التي ستندد بجرائم العدو إذا ما قرر الدخول البري واختراقه للقوانين والقيود المفروضة في حالات الحرب.

على الهامش لا بد من الذكر والتذكير الدائم أن العدو الغاشم لن يتجاوز كونه شبه منظومة تتعرّى من الأفكار والديانات والمبادئ وحتى قوانين الجمعيات ولا ضابط على كلامها فهي تتحول إلى حيوان ينهش ويفتك ويقتل إذا لزم أمره ذلك وهذا ما نراه في كل مشهد وفي كل صورة وكل كلمة تخرج كذبًا من كبار قادته. حتى آل به الحال إلى أن يطلب من أهل غزة النزوح ويقصفهم وهم في طريقهم للهرب من الموت الذي بات محتومًا وإن كان عدوك لا يؤتمن فعدونا له أهبّ الاستعداد من مقاومتنا إذا لزم الأمر، ولن يطول الصمت العربي ولا حتى العالمي طويلًا فالحقائق تتجلى يومًا بعد الآخر والأمر أكثر تعقيدًا وحزمًا في آنٍ واحد وأي تدخّل خارجي سيكون محسوبًا ومدروساً وما يظنّه الناس صمت ما هو إلّا استعداد وتأهّب.