يا لحظة الوجع… ليلى البسّام: أنا بخير بس عصام راح!

إبراهيم درويش_العربي المستقل
لا تغمض العين، ولا نجرؤ على إغلاقها. حتى النوم أضل سبيله، فهناك في القطاع، إخوة في الإنسانية، إخوة في المظلومية، وإخوة في القهر.
نكتب وأيدينا مثقلة، نتحدّث عبر الشاشات وأعيننا معتقلة في سجن محيطها تستحيل جمرا يكوي إنسانيتنا، ويحرقها بصلف، فيشوهها تاركا، في أرواحنا، ندبات شاهدة سرمدية على دموية هذا العدو.
الا زلتم تسألون، من نحن؟ ولماذا نعتبر فلسطين قضيتنا؟
نحن من غفت أعيننا بين الركام، ومن أضل الطيران أهداف أجسادنا، ونحن نيام في منازلنا، يوم انهارت الأبنية الملاصقةلنا، وعبرت الصواريخ فوق رؤوسنا.
لم نقتل نعم، لكن قتلوا فينا الكثير، قتلوا رفاقنا، وأهلنا، وقتلوا طفولتنا، ولو استطاعوا لمزّقوا أحلامنا، ووزّعوها على موائد مستوطنيهم.
هل لا زلت تشك يا صديقي، وشريكي في الإنسانية والوطن، بأنهم يريدون قتلنا جميعا؟ وبأنهم يروون كيانهم من دمائنا، جميعا.
ها هنا منذ قليل وصلني الخبر: إستهداف الكيان للطواقم الصحفية، وبينهم طاقم رويترز، أرسل اصدقائي وزملائي المشاهد الأولية، للجريمة البشعة.
ارتجفت يدي، لحظة اتصالي بمديرة مكتب رويترز في لبنان الصديقة ليلى البسام، أول من ارتسمت صورتها في ذهني، لحظة سماعي الخبر. لم تجب، فانقبض قلبي، كررت الإتصال، فأجابت وكان صوتها المرتجف كفيلا برسم المشهدية “أنا بخير انا بخير يا ابراهيم بس عصام راح”.
الزميلة كارمن جو خدار، اصابها الحقد في قدمها، ولكنها بفضل الله نجت، وعدد من الزملاء، الذين نتابع أوضاعهم.
استشهد الزميل عصام عبد الله، ونجا زملاؤه، في مذبحة الإنسانية، وحفر التاريخ، جريمة جديدة في سجلات الكيان، وسجلات المجتمع الدولي المتخاذل، وفي سجلات الساكتين، والمحايدين، في واحدة من اسمى القضايا الإنسانية.