ما بين حمص وبيروت… لا شيء سوى الدماء

أغلب الذين يتذرعون ويتلطّون خلف الشعارات الإنسانية في ملف “الحريات”، وفي الملف السوري والتعاطي مع اللاجئين، بعضهم اعتاد احصاء ليترات الدماء المتقاطرة فوق هذه الارض، البعض الآخر غضّ الطرف، آخرون مرّ خبر الموت أمام أعينهم من دون أن يلامس آخر منزلة في قعر إنسانيتهم، وآخرون لا يتجرأون على كتابة سطر واحد يدين الإرهاب والقتل المتعمّد لطلّاب، في حفل تخرّج لا في ساحة معركة، بل على مقاعد الدراسة، مهما حاول البعض السعي الى حرف التّسمية، وايجاد مبررات للفعل ولعدم التعاطف تحت حجّة “بعد تخرّجهم سيلتحقون بالجيش، لأن هذه التعليلات لا تعيد الى الاذهان الا صورة أطفال الصهاينة يوم كانوا يوقّعون على الصواريخ والقنابل لإرسالها الى أطفال لبنان، ليموتوا في صغرهم، قبل ان يكبروا فيقاتلوهم قبل ان يقتلوهم.

كثر الموت هنا، وتعددت وسائله واساليبه، أخطر ما في هذا الموت، قتلة الحبر والكلمة، ممن امتهنوا احصاء القتلى، وامتهنوا نظم الموشحات، وتكريس خطاب الكراهية، والحقد، حتى بات الموت روتينا يوميا.

12 سنة من الموت المجاني، من الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة، من الاحتلال الاميركي، ومن التوغل التركي، والجماعات الارهابية، والفصائل المسلحة، والأصدقاء والأعداء، والايادي الاقليمية والدولية، التي تخوض كباشا طاحنا على أرض اختارتها لعبة الامم، ساحة نزال فوق أشلاء بنيها، وعلى أنقاض عَمارها، وعلى حساب شبابها وشيبها، فيسدد السوريون فاتورة ما ارتكبت الايادي الخفية والعلنية وما يقتضي المشروع المرسوم والمعدّل وفق المقتضيات.

اما بالنسبة الى المتاجرين بالنزوح وباللاجئين ، من السلطات المعنية الى المنظرين والمتباكين على وسائل التواصل، ممن كرّسوا العشوائية وبرروها لفتح الباب واسعا امام المد المريب لأعداد اللاجئين الى لبنان لأهداف مختلفة، فقد نسوا ان طابخ السم ذائقه، وان الاستثمار والتحريض، وهذا اللعب على حافية الهاوية، لن يغير في المعادلات القائمة، انما سيغرق البلد في حمام دم، وبفسيفساء دموية من كل الطوائف والمذاهب والاحزاب، والجنسيات، قبل ان تنجلي الخارطة الجيوسياسية للمنطقة.