اعتصام المجلس.. لو ناموا في مكان آخر!

 ابراهيم درويش- العربي المستقل

كان صديقنا مولع بحبّ معلّمته، كان يتودّد اليها، فتحصر علاقتها به، بالعلاقة الطبيعية بين المعلمة والتلميذ، كان دائم السعي لتطوير تلك العلاقة، الى أن سدّت به الافق، وضاق ذرعا من محاولاته البائسة.

وفي أمسية من أمسيات شباط، وبينما كان المطر يسارع الخطى تزاحما لعناق الثرى، اخرج صديقنا ما في يلتهب في جوفه. حدّق الى تلك النافذة، المغلفة بالضباب وقطرات المياة، وبنبرة لامست في صخبها ارتطام المطر، أخبرنا صديقنا أنه اتخذ قرارا جريئا يحرج معلمته، ويجعلها تتفكر في أسلوبها معه وتندم عليه. إبتسم  ابتسامة هازئة، وقال :فكرت مليا في الامر، لن أسكت لها، لقد تركت الجامعة، ولن اعود”.

قد يكون صديقنا حسن النوايا، وقد يكون حبه صادقا في وقت غير مناسب، وظرف غير ملائم، لكن  المفيد في الامر، أن خطوته تلك، هي أعجز من أن تحرك في الأمر ساكنا.

استحضرني هذا المشهد، وانا اتلقى عتابا ودوداً من صديقة أودّ وأحترم، لعدم متابعة “العربي المستقل” لإعتصام النواب في مجلس النواب، وهنا لا بد من الإشارة، الى أنني لم اقارب الامر من باب الاستخفاف او التنمّر، لخطوة يعتبر فيها احدهم خروجا عن الستاتيكو الرتيب الذي يحاصرنا داخليا وخارجيا، وقد يكون صادقا في ذلك، ولا شان لي بالنوايا، إنما من حقنا أن نسأل عن فائدة هذه  الخطوة، وهل فعلا يمكن لها ان ترتقي الى مستوى “عامل مشجع” في انتخاب الرئيس؟ وهل  العقبة في عدم التشكيل، هي أن هناك من يريد ومن لا يريد.

لا شكّ أن المجلس النيابي كان بامس الحاجة الى دم جديد، في مرحلة زمنيّة استوجبت الكثير من التغييرات والإضافات والتعديلات، ومن حقّ أي مواطن أن يسأل ويسائل الوافدين الجدد عن مشروعهم، كون الخيبة المستجدّة، هي أصعب بكثير من الخيبات، التي تجرعها اللبنانيون على امتداد الحكومات المتعاقبة، حتى الفوها  واعتادوها، واعتبروها احد اركان الحكم.

وبعيدا من تقييم عمل النواب في غير مورد، في بلد اتخّذ فيه القرار بعدم العمل، انتظارا لما قد يتأتى من خلف الحدود، يراود الخاطر سؤال، لا بدّ من تسيير رحلته الى ميناء الورق “ألم تكن خطوة النائب ملحم خلف تحديدا، أكثر فائدة، وأكثر إنتاجا، وفي صلب المعركة، لو اعتصم أمس قبل اليوم، ولا سيما يوم كان على رأس نقابته، حيث يمكنه التأثير والتغيير واستمالة شريحة واسعة من ابناء القانون، وحتى ممن يعولون على قوس العدالة، لمحاسبة اللصوص والفاسدين، هناك عند ميزان العدل الممسوك سياسيا، فيكون اعتصاما لا سياسة فيه، بل لاعادة الروح الى العدل وعدالة، وضخ الروح في جسد قضاء مثقل، نحو قضاء سيد حر ومستقل، لا تمتد اليه ايدي الساسة، فتفتح أبواب المساءلة والمحاسبة، أو في الحد الادنى يدوّن عند عتباتهم، هناك من خاض غمار المحاولة،فسعى ولو يوفّق.