بين رئيس الحكومة ووائل عرقجي… ثأر قديم

إبراهيم درويش_العربي المستقل


لبنان المترنّح، المتمسّك بالحياة من على سرير العناية الفائقة، بفعل ممارسات طبقة سياسيّة لم تترك موبقة الا وارتكبتها، ثم تربّعت ترتشف فنجان قهوة فوق جثاميننا المهشّمة، تشاهد موتنا، وتستكمل إجهازها على ما عصي فينا من أرواح رفضت موتنا الرخيص.

من تحت الركام، من براثن الجوع، من فكوك مافيات الدواء، والمحروقات، والطحين، والمولّدات، وصهاريج المياه، من عتمة الفساد، إنتفض رجال الأرز، ليمسحوا عن العلم اللبناني سوادا، تفنن إقطاعيّو الرغيف في رسمه.

هؤلاء، لا مناصب في خدمتهم، ولا مكاسب، ولا شركات، طوّعوا القانون لمضاعفة مكاسبها. هم كوكبة من الشباب يملكون القدرة على الإلتقاء في مساحة اللامذهبيّة، واللاطائفيّة، واللا إنبطاح أمام “أصدقاء” وأعداء لبنان.

هؤلاء يملكون ثقافة العطاء، وتربّوا في منازلهم على حبّ الوطن، وصقلتهم الرياضة، ذهباً خالصاً، نجحوا في رفع علم لبنان عاليا، حيث نكستموه حداداً على من استشهدوا، وحسرة على ما تبقّى.

أصوات اللبنانيين من مرضى، بلا دواء، من رجال بلا عمل، من شباب بلا أمل، من متقاعدين ومودعين سلبت أموالهم، من موظّفي قطاع عام بلا رواتب، من أمّهات بلا نوم، من عشاق للرياضة بلا كهرباء، ليشاهدوا منتخب بلادهم يبلسم وجعهم، عضّوا على جرحهم، وبات هاجسهم الوحيد دعم منتخبهم الوطني، بحثاً عن إنجاز، عن فرحة قد لا تغنيهم من جوع، لكنّها حتماً ستمنحهم شعوراً بأنّهم لا زالوا أحياء هنا، بأنّ القيامة لا زالت ممكنة.

وحده رئيس الحكومة، بفكره الإستثماري، أراد أن يكمل مسيرته في استثمار ما لم ينجز، وما لم يكن له فيه أي دور، أو فضل، مباركا لمنتخب، سينهي شبابه بطولتهم، ويعودون الى وطن، لا يجدوا فيه ماء للإستحمام، أو رغيف خبز لإطعام عائلاتهم.

لم يتوقّف الأمر هنا، أراد رئيس الحكومة، أن يستكمل هوايته، متقنا دوره، في تقديم أوضح صورة لأنانية الذهنيّة السياسيّة المطبقة على أعناق اللبنانيين.
لم يستطع رئيس الحكومة، أن يترفّع عن التأثير سلبا، على المنتخب، أو على أيّ من لاعبيه، وفي الحدّ الأدنى أن يرتقب تجاوز المباراة الحسّاسة ليغمد سيفا في فرحة اللبنانيين، حتى صوّب سهامه باتجاه اللاعب البطل وائل عرقجي، من دون أن يسمّيه معتبرا صوته نشازا.

يا ليت يا دولة الرئيس، كان ما قدمّه ويقدمّه عرقجي نشازا، يا ليت ما يفعلون أسوأ أنواع النشاز في هذا البلد، لكنا ارتضينا بشطط ما أنجزت وارتكبت حكوماتكم.

ليس صدفة أن يكون بطل لبنان عرقجي، لأن هذا البلد لا يمكن أن يرفعه الا “عرقجي” لا يبخل بعرقه ليروي أرزا، لفّه اليباس والسواد، عرق قد يكون السلاح الأوحد بيد هؤلاء، عرق لم يزر جسدك وأجساد أصدقاؤك، في قصوركم المبرّدة.

سيبقى يا دولة الرئيس عرقجي، لاعبا أساس يهتف باسمه اللبنانيون على مختلف مشاربهم وانتماءاتهم، فيما لو كنت قرأت التعليقات على صفحتك، بعين وطنيّة، لما ترددت للحظة في الجلوس على دكة البدلاء.