جنان خريياني _ العربي المستقل
مستقبل أطفالنا تم إصداره في العام ٢٠٠٨
وول-ي (بالإنجليزية: WALL-E) هو فيلم رسوم متحركة أمريكي من نوع الخيال العلمي صدر في العام 2008 من قبل إستديوهات بيكسار ومن إخراج أندرو ستانتون.
تم عرض الفيلم أول مرة في 23 يونيو، 2008.
سابقاُ، استمتعت مرارا بمشاهدة الفيلم ،واليوم أتألم كلما ذكرته أو تذكرته!
عندما تشاهد فيلم وول-ي حين صدوره، تظن للوهلة الأولى أنك أمام هذا الإبداع السينمائي الذي يصور رواية خيالية تدور أحداثها حول بطل الفيلم “الروبوت وول-ي” الذي تم تصميمه لتنظيف القمامة بعد أن باتت الأرض مهجورة ومغطاة بالنفايات.
وبحسب مجريات الفيلم يقع وول-ي في حب روبوت حديثة ومتطورة إسمها إيف.
إيف، هي روبوت يتم إرسالها من الفضاء الخارجي لتبحث عن معالم للحياة على كوكب الأرض، فيتبعها وول-ي إلى الفضاء الخارجي في مغامرة مشوقة تُغير لاحقاً مصير جنسه والجنس البشري كله.
وفي سياق الفيلم، يُبدي الروبوتين مظاهراً من حرية الإرادة والمشاعر والأحاسيس التي تتطور مع تقدم أحداث الفيلم.
تحمل مشاهد هذا الفيلم الكثير من الرسائل التحذيرية حول ما سيؤول إليه مستقبل كوكب الأرض من تصحر وتلوث وانعدام للحياة، وأيضاً من هجرة للبشر إلى الفضاء الخارجي حيث سيقيمون داخل مركبة فضائية تؤمن لهم ، صناعياً ، الهواء والماء ومقومات العيش التي لم تعد الأرض قادرة أن تقدمها.
والغريب في الأمر ، ما تخلله هذا الفيلم في حينه، أي في العام ٢٠٠٨ ، من مشاهد التفكك الإجتماعي والإنعزال الفكري والنفسي والجسدي وما نقله من صورٍ عن مستقبل الأطفال الذي كان بعيداً حينها وأصبحنا نعيشه اليوم!
من المشاهد اللافتة في هذا الفيلم، والتي تستدعي التفكر وإعادة التفكير بحال أولادنا اليوم، هي :
– لكل طفل في الفيلم كرسي متمركز عليها وشاشة الكترونية ثابتة أمامه توازي نظره تماماً.
– الأطفال يتواصلون فيما بينهم ويتلقون كل المعلومات والمتطلبات التي يريدونها عبر تلك الشاشات.
– لا ينظر الأطفال إلى محتوى ما يشربون أو يأكلون، فعيونهم مسمرة دائماً على الشاشة أمامهم.
– كل سكان هذه المركبة الفضائية يعانون السمنة المفرطة.
– كل سكان هذه المركبة الفضائية ما عادوا يستطيعون المشي او الوقوف لضعف عضلات أقدامهم، إذ اعتادوا على استخدام الكرسي المتحرك .
-هم لا يتواصلون إلا من خلال الشاشات، إذ إنه وفي إحدى المرات التي تعطلت فيها الشاشة تفاجأوا برؤية بعضهم البعض وبمدى قربهم من بعض!
– مشاعر الحب والشوق والذكريات والاستمتاع بالموسيقى وبالحياة بدت في الفيلم حكراً على الروبوتين وول-ي و إيف!
-لا يقوم السكان في هذه المركبة بأي نوع من النشاطات الجسدية ،الإجتماعية أو الفكرية التحليلة، هم مسلوبوا الإرادة، يطيعون ما تمليه أو تقدمه الشاشة ويتقبلونه.
-هم جماعة كسولة ، مشرذمة ،مفككة ومنعزلة عن محيطها.
إن هذا الفيلم وإن كان قد حمل في ظاهره رسالة واضحة تحثّ على الحفاظ على البيئة وعلى مقومات الحياة على كوكب الأرض ،إلا إنه في عمقه حمل رسالة خطيرة جداً جسد من خلالها واقع أطفالنا في المستقبل الآني.
أطفالنا اليوم ،وتحت كل الذرائع التي توفرها لهم الحياة والظروف أو ربما يوفرها لهم الأهل ، هم عبدة الشاشات، هم أجساد لا حول لها ولا قوة ، هم سجناء داخل أروقة الألعاب الإلكترونية ، هم منعزلون ومعزولون عن الواقع وعن ساحات العمر الحقيقية والطبيعية. وللأسف الشديد، الكل شريك بهذه المأساة تحت ذريعة مواكبة التطور والتكنولوجيا.
فلنُعِد أطفالنا إلى أحضان الحياة، إلى باحات اللعب إلى الساحات والحقول، فلنسلخ عقولهم عن شاشات الضمور، كي لا نشارك في دفن احلامهم ومستقبلهم وأرواحهم!
.