١٠ عمليات فلسطينية في آذار… هل فتح الحساب ولن يغلق؟

ربى أخضر_العربي المستقل

تُوِج شهر آذار بعشرة عمليات فدائية -حتى الآن- وقعت في مختلف الأراضي الفلسطينية المحتلة وتنوعت بين دهس وطعن ومواجهات بأسلحة نارية. كان آخرها العملية التي حصلت ليل أمس في بني براك بتل أبيب، قُتِل فيها خمسة مستوطنين بينهم شرطي و جُرح آخرون. وقد سبقت هذه العملية عملية الخضيرة في منطقة حيفا ليل الأحد وعملية بئر السبع في الثاني والعشرين من هذا الشهر. يأتي القاسم المشترك بين هذه العمليات، وهو حدوثها في أراضي 48، للتأكيد على نضال الشعب الفلسطيني المستمر والمتزايد مع مرور الوقت، كما أن تنفيذها قبيل شهر رمضان يفاقم مخاوف الإسرائليين من هبة جديدة شبيهة بهبة الكرامة التي اندلعت خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان 2021 ويتزامن مع توصيات الشرطة الإسرائيلية ومجلس الأمن القومي الإسرائيلي بالسماح المستوطنين باقتحام المسجد الأقصى خلال الشهر الفضيل وتخطيط لمجموعات من المستوطنين المسلحين للحضور إلى حي الشيخ جراح بهدف استفزاز فلسطينيي الحي وترهيبهم.

باركت مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية العمليات وأكدت على بطوليتها، لكن الشجرة المثمرة دائما ما تُرشَق بالحجارة، وهكذا كان فرُشقت هذه العمليات البطولية بشتى أنواع الإنتقادات من مختلف الأوساط وهو ما استنكره مناصرو القضية الفلسطينية، كما أُلحقت بها تُهم الإرهاب بتبني داعش لعملية الخضيرة وخروج أخبار عن علاقة الشهيد “محمد غالب أبو القعيان”، منفذ عملية بئر السبع، بتنظيم داعش الإرهابي، والتي اعتبرها المدافعين عن المقاومة الفلسطينية محاولة فاشلة لتشويه صورتها و تبنيا مشبوها لروايات الاحتلال المضللة.

أهمية استراتيحية للعمليات الفردية  تصب على تنوعها في مصلحة نشر الرعب في نفوس سكان إسرائيل وإيصالِ رسالة واضحة مفادها أن فلسطين ساحة حرب دائمة ما دامت محتلة، وأنها لن تكون آمنة إلا لأهلها، بالإضافة إلى كشف هشاشة مؤسسات الاحتلال وعدم قدرتها على ضبط الأمن وبالتالي فقدان ثقة المستوطنين بها ما يؤدي إلى توترات سياسية متزايدة داخل كيان الاحتلال.

*الموقف الفلسطيني الصلب*

على الرغم مما يتحمله الفلسطينيون بشكل دائم عموما وبعد كل عملية خصوصا، من هجمات على ممتلكاتهم والتعرض لها، كتكسير وحرق سياراتهم، وحملات الاعتقال التعسفية الواسعة التي تقوم بها شرطة الاحتلال، وتهجير أهالي منفذي العمليات وهدم بيوتهم، إلا أن كل هذه الممارسات لا تزيدهم إلا تشبثا بمادئ المقاومة وأشكالها المختلفة، إذا لا ينفكون يمجدون المشتبكين ويضيفونهم إلى قائمة الشهداء الشجعان، ما يؤكد مرةً بعد فشل سياسات الترهيب التي يعتمدها الاحتلال لمنع الفلسطينيين من القيام بأعمال مماثلة.

*لا إنسانية في كيان الصهاينة*.

أكثر الإنتقادات التي طالت عملية أمس كانت لقتل المستوطنين -الذين اعتبرهم البعض “مدنيين”- بدمٍ بارد، وقد نادى أصحاب هذه الإنتقادات للمواجهة العسكرية مع المحتل لا غير، هنا لا بد من التذكير بأن العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم! لم يوفر الاحتلال فرصة واحدة، منذ 48 وحتى اليوم، لقتل المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء والعجز، ولإثارة الرعب في قلوب الأطفال عبر اعتقالهم وتعذيبهم وتفتيش حقائبهم في طريقهم إلى المدارس، كما أن تقرير منظمة العفو الدولية يشير بوضوح إلى سياسات الاحتلال الظالمة بحق الفلسطينيين من محاولة تفتيت الروابط العائلية والحرمان من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن الانتهاكات الدائمة لحقوق الإنسان الفلسطيني كالاعتقال الإداري والتعذيب وأعمال القتل غير المشروعة وإطلاق النار على المدنيين العزل، والأمثلة لمن يعانون فقدان ذاكرةٍ مؤقت لا تعد ولا تحصى ولا يتحملها قلب بشري لقسوتها، فليضعوا الأسيرة إسراء الجعابيص والأسير الطفل أحمد مناصرة نصب أعينهم كتذكير دائم بجرائم الكيان الصهيوني.

يقف بوجه حياة المدني الفلسطيني الاحتلال بشرطته وجيشه وعملائه وأجهزة استخبارته ومستوطنيه المسلحين والموفرة لهم الحماية لارتكاب أي جريمة كانت ضد أي فلسطيني كان، فلا تُحصَر المواجهة بين جيش الاحتلال والمقاومة المسلحة، بل كل نفس وكلمة وعمل هو مقاومة شرعية ومقدسة.
وفي النهاية تبقى التحليلات والتعليقات مجرد سراب أمام الفعل الفلسطيني الذي يخط خارطة تحريره بدمه وما على العالم إلا المشاهدة والتعلم.