ليست الجريمة الاولى لمجرم أنصار…وجميعنا جثث متنقلة هنا حتى إشعار آخر

إبراهيم  درويش_ العربي المستقل

ستخجل من ترتيب الحروف، ستسأل نفسك هل ينبغي أن أكتب؟ وماذا سأكتب؟ وستسأل نفسك، لو كتبت، هل سأقنع نفسي، أنّ ما كُتب، يرتقي الى مستوى ما ارتكب؟

قد تكتب.. وقد تعرض عن ذلك، لكن حتماً في الحالتين لن تكون راضيا عن قرارك.

قد تكابر ولا تعترف، بأن صورة الأم وبناتها الثلاث قد هزت كيانك، وبأن صورة شقيقاتك، أو بناتك، قد تشكّلت وارتسمت هناك، تحت التراب، في تلك البقعة النائية، شديدة البرودة.

ستغزو رأسك جملة من الاسئلة، تسقط إرهاصاتها على بدنك، وتقبض على قلبك وكأنها جمرات حارقة، ستقول: ماذا، وبعدها كيف ولماذا؟ ستحدّث نفسك بلا جواب، ستسأل من حولك هل سمعتم عن الجريمة التي حصلت في أنصار؟ سيجيب أغلبهم بكلمة نعم، يعقبها وابل من الشتائم، فيما يجيبك الآخر، بـ “لا”، قبل أن تقص على مسامعه، ما عرفته حول الجريمة ودلالاتها، فيطلق العنان لمشاعره الحانقة المستاءة، ثم ستكملان حديثكما حول الدولار والطقس، والسياسة، والرياضة، وربما ستشرعان بحديث حول “اللا شيء”،الذي سيحتل مساحة الحديث عن الجريمة.

كتبت في غير مرة، أنّ المواطن هنا في البلد، مشروع جثّة متنقّلة، يمكن لمن يتنقّل بين النّاس، أن يلحظ أولئك الذين يسيرون في الشوارع ويتحدثّون مع أنفسهم بوجع وحسرة، بغضب، بصراخ، بهدوء مريب. وحتما أنك صادفت يوما في طريقك، المواطن الوحش، الذي يبحث عن فريسة يفرغ فيها جام حقده وغضبه، ولا سيّما بالنسبة لأولئك الذين إعتادوا القفز فوق القوانين الوضعية، وتهشيم القوانين الأخلاقية والإنسانية.

كتبت يوما، حول استمتاع ولدين بتعذيب صوص، وهو ما يعبّر عن  غياب دور الاهل في التنشئة…

https://www.facebook.com/story.php?story_fbid=250922185277732&id=100010798564932

وهو ما جاء متناغما مع ما كتبته الناشطة في مجال حماية الحيوانات غنى نحفاوي حول  استسهال تعذيب وقتل أي روح، لأن هذا سيعزز النزعة الجرمية لدى الفرد، وقد يحوله الى وحش لا يرتدع وهو ما حصل في جريمة انصار البشعة:

https://twitter.com/GhinaNahfawi/status/1507393488186449953?t=cZJGQE9lYHeIEeRG1772tw&s=08

 ظروف كثيرة، ساهمت في انحدرانا الى هنا، لكن لا بد من الاشارة  الى ان عددا من هؤلاء، هم ضحايا التنشئة الخاطئة، او ربما ضحايا اللاتنشئة لأهل لم يعرفوا لماذا تزوجوا، ولماذا ينجبون، ولم يكونوا يوما على قدر من الأهليّة التي تخوّلهم تربية أطفال، ليصبحوا قيمة مضافة، وقوة تغييرية إيجابيّة في مجتمعهم، آخرون هم ضحية توحّش المجتمع وظلمه وقسوته، بعضهم الآخر، هم ضحايا غياب وترهّل الدولة وتنصلها من دورها، والتي هي بدورها ضحية وحوش  أشد فتكا، امعنوا في ذبحها ولكن الفارق بينهم  وبين مجرم أنصار، أنهم  قتلوا الوطن ومثّلوا به، لكنهم رفضوا دفنه، كونهم لم يشبعوا غرائزهم من اللذة المنشودة.