إبراهيم درويش- العربي المستقل
من يعرف السفير السابق للبنان في الولايات المتحدة الاميركية عبد الله بو حبيب، وزير الخارجية الحالي، يدرك أنّ الرجل يتمتّع بحدّ كبير من بعد النظر، وأنه قارئ جيّد للتحولات، وهذا ما يلمسه كل من جالسه، على اختلاف الإنتماءات، حتى ما قبل تبوئّه منصبه الوزاري.
تؤكّد ممارسات حكومة الرئيس نجيب ميقاتي أنّ هناك من يحاول الشدّ بالقرار الرسمي في البلاد، الى ضفّة تناسب خياراته وحساباته، وهو ما تجلّى في إستحقاقات مختلفة، أبدت الدولة اللبنانية استنسابيّة كبيرة حيالها، بعيدا من الفائدة الوطنيّة العامّة.
من يقرأ على عجالة في الجغرافيا، يدرك أنّ الأمن الوقائي للبلدان، لا يمكن ان يقتصر، وبخلاف الروايات الساذجة التي يحاول البعض ترويجها، بخلاف المنطق والعقل، على الحدود الجغرافية للبلدان، إنّما يمتد الى العمق الإستراتيجي، وللأسف هذا من يجعل من الدول الأصغر، حدائق خلفيّة للدول الكبيرة المحيطة بها، كما يمكن أن يدغدغ مشاعر الدول المقامرة باستقرار الدول لتحويلها الى منصة نيران باتجاه دول الجوار، ما يحوّل البلاد والشعب الى أضاحي على مذابح الدول المستفيدة، بما قد يستجلب تدخل الدول المحاذية في حملة استباقية لضمان أمن اراضيها.
وهنا كان على السلطات اللبنانية، أن تدرك أن في كباشات الدول الكبرى، لا مصلحة للبنان في خلق أزمة دبلوماسيّة مجانية مع روسيا، في حرب لا ناقة للبنان ولا جمل فيها، الا من حيث تبعات هذه الأزمة وأوزارها التي ستعمّق من أزمات لبنان، من نواح متعددة”.
هذه الادارة اللبنانية الذي تتجاهل عامدة متعمّدة عمقها الاستراتيجيي، وامتدادها الطبيعي، وتغلق حدودها أمام المعبر البري الوحيد للبناني الى “عمقه العربي” ، بما يعمق من حدة الازمة اللبنانية، ويشرّع الأبواب واسعا امام التهريب، يطالب اليوم روسيا بوقف عملياتها العسكرية فورا في اوكرانيا، في موقف، في حال عرضت روسيا عنده، لا يمكن ان يساوي ثمن الحبر الذي كتب فيه”.
أما لو كنت مكان عبد الله بو حبيب، لاستفضت في الشرح مطوّلا، مثى وثلاث ورباع، للمتلاعبين بالوطن بأن لبنان لم يعد يحتمل ان يكون طاولة قمار، خدمة لمصالحهم الشخصية، وحتما، وفي الحدّ الادنى، لما كنت قبلت أن اكون شاهدا مشاركا، مصدرا لهذا البيان”.