إبراهيم درويش- العربي المستقل
لا بدّ أنه حاوٍ، لا يمكن للرجل ألا يكون حاوِ! هو يتقن مراقصة الأفاعي، يعزف لها فتتراقص جميعها على ألحان نايه، من دون تردد. كيف ترد طلبه؟ وهي لطالما أكلت من خيره، أو بالأحرى أطمعها من خيرنا، حتى انتفخت بطونها وبطون زبائنيتها.
قد لا يكون حاوٍ، وبطبيعة الحال هو لا يتقن العزف، فأدواته نشاز، لكن الرجل يذكرّك بلاعب ال “3 ورقات” المتنكّر بزيّ أنيق، لكنّه أعجز من أن يستر حقيقة ما يخفي.
وفي معرض الحديث عن هذه اللعبة، أذكر رواية ذلك الصديق، يوم كان ماراً في شارع شعبي، وطلب منه أحد أصحاب الوجوه البريئة، أن يشهد على اللعبة، بما قد يساهم في فضّ نزاع اللاعبَين.
شهد صديقي على مضض، على جولة تحدَ بين الرجلين “أحدهما يحرك الأوراق بخفّة يد غريبة، والثاني تشخص عيونه طورا على الأوراق المتحرّكة وطورا على اليدين القابضتين، بحثا عن “البنت الضائعة”. سرعان ما انتهت اللعبة، بفوز الشاكي، ورضا الطرفين.
دعا الرجل صديقي الى تجربة حظه، رفض المدعو دعوة الداعي، فكرّر الرجل دعوته بصوت تبدّلت نبرته، منذرا بأنه لا مفر من تلبية الدعوة، استجاب صديقي على مضض لعمليّة التوريط القسريّة، تبدّد قليلاً فائض القلق في باطنه، بعد أن ساعده الحظ وحنكة المتابعة في توقع أين استقرت البنت، ولكنّ هذا الاطمئنان عاد ليستحيل قلقاً لحظة، حاول إنهاء اللعبة، فقال المتحكم باللعبة “قعود، عم تربح بعد ما خلصت اللعبة”.
أدرك صديقي حينها أنّ الخسارة وقعت، سواء أسعفه حظه أم لم يسعفه، إنما الرجاء الوحيد الذي بات متاحا ان يكون حجم الخسارة محدودا، وكذا حصل، لحظة دارت عجلة خسارة المكسب، فرأس المال، وكل ما في جعبة صديقي”.
ليس بعيدا من لعبة ال “3 ورقات”، رجل يقامر بكل الأوراق اللبنانية، ويده تطال أي عملة نقدية حتى لو كانت في جيبك، رجل أدرك بواسطة نظام مالي سياسي، تسييل وجرف سنوات من التعب، والنحت في الصخر”.
بحسر ساحر، نجح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في خفض سعر صرف الدولار في السوق السوداء، من دون رفع قيمة الليرة اللبنانية. معادلة مالية، لا يمكن ان تقتنع عاقلا، بفائدتها وجدواها”.
الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور ايلي يشوعي، يؤكد أن “ما يحصل اليوم إستكمال لأكبر عملية نهب في لبنان، فحاكم مصرف لبنان رياض سلامة يستعمل رصيد المودعين، ويقامر بما تبقى من مليارات في الاحتياطي”.
وعن الآلية التي استخدمها سلامة لخفض الدولار قال يشوعي، “ما يحصل اليوم ، هو ذاته الذي حصل يوم تم دعم السلع، وكلفنا الامر 12 مليار دولار، وعوضا من ان يتسفيد المواطنون، إستفاد المهرّبون والمحتكرون من الدعم، واستكملوا عمليّة السرقة المنظمة بحق اللبنانيين، ما حصل يومها، يتكرر اليوم، ومن بيده رأس المال يشتري الدولار، فيما الفقير من يدفع الثمن .”
وتابع يشوعي “سلامة يضخ يوميا، ما يقارب ال 60 مليون دولار في السوق، والكميّة المعروضة، تفوق حجم المطلوب، من الدولار، لذا نشهد هذا التراجع في سعر صرف الدولار، وهي لعبة أشك ان ينجح سلامة في المضي فيها الى ما بعد شهر آذار”.
ولفت يشوعي الى ان “هذه الخطة اليوم، هي نتيجة صفقة بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وسلامة، بوقف الملاحقات، في مقابل ترحيل الازمة، والدفع بها الى الأمام”.
وتابع يشوعي “هذه الطبقة السياسية ، لم تكتف بسرقة ودائع الناس، بل هي تسعى الوم الى سرقة ما هوي في منازلهم، وما استحصلوا عليه من مدخراتهم، بعد دفع الرسوم، وبالتالي للناس الحق في التصرف بمدخراتهم وممتلكاتهم، كما يحلو لهم .