إبراهيم درويش- العربي المستقل
يوم قلنا، أنّ هناك فرصة لتوحيد المطالب، وأنّ السبيل الأوحد المتاح الذي كان يمكن أن يقف في وجه محاولات الإستثمار، وفي السعي الى الفصل بين المطالب الشعبية، هو كسر بوابة السياسة الماليّة، خلخلة أعمدتها، كنقطة إنطلاق أولى، لهدم جدران دعم الحيتان الماليّة، والكارتيلات والضغط نحو تفكيكها، بعيداً من أي معايير مذهبيّة، وطائفية، وحزبية، بما يمكن أن يشكّل ضربة قاصمة للطبقة السياسيّة المستفيدة.
كان البعض يصرّ على إستثمار وجع الناس، على إمتطاء أوجاعهم، على السير بركب طروحات ومشاريع فضفاضة، يدرك أبسط المتصفحين، هواية للوضع في لبنان، أنها ضرب من ضروب الخيال. يومها خلع بعض الناس ملابسهم المذهبية والحزبية والطائفيّة، رقصوا، غنّوا، هتفوا ضد خصومهم السياسيين، ثم عادوا سالمين الى قواعدهم السياسية، فيما وحدها الناس المقهورة بقيت أصداء هتافاتها تتردد في ساحات المطالب، ومن خلف قضبان شاشاتها، وعضّت كثيرا، ولا تزال تعضّ على أوجاعها، فوق “مرجوحة التجار، وزحليطة الدولار”.
أما اليوم، فقد اثبت الإقطاع اللبناني، المافيات والتجار، انهم السلطة الاقوى في الدولة اللبنانية، بعيدا اذا ما كانوا هم يدعمون السلطة السياسية أم العكس، الا انهم اثبتوا انه لا يمكن لأحد ان يملي عليهم شيئا، هم “باترونات السوق”، يتحكمون بالأسعار، ويتسفيدون قدر الإمكان من الإنهيار اللبناني، لزيادة هوامش الربح بشكل هستيري”.
اليوم وبعد تأمله الليرة تهبط الى مستويات قياسيّة على مدى عامين، عاد رياض سلامة بمفعول سحري، خفض فيه سعر الدولار، بخلاف السياق المالي والإقتصادي، والتعاطي مع الانهيار الحاصل في البلد.
كثيرة التأويلات والتحاليل، حول كيفية نجاح سلامة في خفض الدولار، هل هذا الانخفاض نهائي، وهو ما سنفند فيه في المقال التالي، من زاوية اقتصادية علمية، انما السؤال هنا: لماذا تأخرّت خطوة سلامة سنتين، ما دام يملك القدرة على منع الدولار من الارتفاع”.
أما السؤال الثاني البسيط المشروع، ماذا لو كان، إضافة الى الهدر والفساد والسرقة التي ساهمت في هذا المشهد، كان القرار بتبديل أوراق اللعب، لاستكمال تضييق الخناق على اللبنانيين، بعدما لم يحقق إرتفاع سعر الدولار الهدف المرتجى بالشكل المطلوب على مشارف الانتخابات، في ظل الصراع المحتدم في المنطقة، والذي تتجلى احتداماته في لبنان، فانخفض الدولار، وبقيت الاسعار على حالها، وترك المسرح للتجار، ليستكملوا مص دم الناس، بما أفقد الدولار جزءا من قدرته الشرائية وهو مخبأ في جيوب اللبنانيين.