إبراهيم درويش_العربي المستقل
كان واضحا أنّ إستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، مرتبطة بمسار خارجي ضاغط تحت عنوان فتح كوّة في جدار ما سميّ الأزمة اللبنانية_الخليجيّة، استباقا لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى الخليج، والذي أصر على أن يتأبّط إستقالة قرداحي، قبل أن تطأ قدماه السعودية.
استجاب الوزير قرداحي، من دون أن يعتذر، بل على العكس من ذلك، استفاض في مؤتمر صحفي أكّد خلاله، على موقفه، الذي “سيتظهّر مستقبلا قراءة استشرافيّة في مسار حرب طاحنة، ستنتهي يوما ما، ولا يبقى من ذكرها الا أشلاء الأبرياء، وخسائر المدنيين، والدمار، والجوع والفقر، وآلاف المرضى، والأطفال المحرومين من أبسط حقوقهم في التعليم، والعيش في بيئة أقل خطرا، وأقل ضجيجا من أصوات القذائف، وأقل تعبا، من مشقّة النزوح والتهجير”.
تطورات متسارعة أعقبت إستقالة قرداحي، مبادرة فرنسيّة أعلن عنها ماكرون، تلتها مؤشرات عودة السعوديّة الى لبنان، ونيّتها مساعدة لبنان لخروجه من محنته.
المتابع لمسار التطورات، يدرك أن لا متغيّرات جديّة في مسار الأزمة المتراكمة، في ظل تعقّد المشهد في المنطقة، وسط معسكرين بخيارين متناقضين.
إذا ما الذي أدّى الى تبدّل الموقف السعودي؟
مصدر دبلوماسي، كان توقّع في دردشة معه عودة السعودية الى لبنان، ورجّح عودة سريعة للسفير السعودي الى بيروت، فالتعاطي اللبناني الأخير مع القطيعة السعوديّة، لم يتناغم مع الهدف المنشود، على الرّغم من المواكبة السياسيّة- الإعلاميّة، الضاغطة باتّجاه إصلاح الوضع مع الرياض، مهما استوجب الأمر من تنازلات.
في هذا السياق، تنامت الخشية السعودية من تأقلم لبنان مع المشهد الجديد، واستفادة حزب الله من هذه القطيعة ومحاولة ملء هذا الفراغ، بشكل أو بآخر.
وحول المتغيّر في الموقف السعودي، أكّد المصدر الدبلوماسي أن “الإنتخابات النيابيّة هي العامل الرئيس خلف العودة السعوديّة وسفيرها الى بيروت على عجالة، لإستكمال الضغط من الداخل، على خطى مشروعها، الذي بات واضحا على أنّه خطّ متواز مع مشروع حزب الله والذي يشكل احد اكبر موازين القوى في لبنان، على الصعيد التمثيلي.
الأجواء الايجابيّة التي أعقبت إعلان المبادرة الفرنسيّة- السعوديّة، لم تتأخر حتى تتبخّر، وهو ما تجسّد في البيان السعودي- الفرنسي، حول ضرورة حصر السلاح في لبنان بمؤسسات الدولة، وضرورة مراقبة الحدود اللبنانيّة-السوريّة، وهو ما يعيدنا الى ما حاول سابقا المجتمع الدولي , ومجلس الأمن فرضه من دون ان ينجح، فجاء طرح السعوديّة اليوم بالون اختبار، للارضيّة الشعبيّة، واستعدادها لمواكبة الحملة السعوديّة_الخارجيّة لتضييق الخناق على حزب الله انطلاقا من بوابة المساعدات، التي باتت تنتظرها شريحة كبيرة من اللبنانيين، وسط برنامج ممنهج، لحصر سبب الازمة في لبنان، بسلاح حزب الله.
وفي هذا السياق، افاد المصدر بأن “السعوديّة لن تخوض الإنتخابات النيابيّة في لبنان، بوجوه قديمة، وانما سيكون مشروعها، في ما خلا بعض الإستثناءات، مرتكزا الى دعم وجوه من المجتمع المدني تتوافق مع خياراتها ومشروعها، فيدخل الكباش مراحله القصوى مع اقتراب موعد الإنتخابات.