إستقالة قرداحي من “متصرفيّة جبل لبنان” قبل جولة المندوب السامي الى المنطقة!

 إبراهيم  درويش- العربي المستقل.

ونحن جميعا نرغب بأن يحافظ لبنان على أفضل العلاقات مع الخارج، وأن يكون هذا البلد، مشروع دولة تتمتع بالحد الادنى من السيادة والاستقلال، وفق خطة ورؤى سياسية ومنهجية واضحة، تفرض إطاراً من العلاقات الندية.

يصرّ البعض على التعاطي مع هذا البلد، على أنه حديقة للهو، أو للمنازلة، كما الاستراحة، وهو إذا ما بحثنا في ظروف نشأته،  وتركيبته، لتيقّنا، أنّ هذا البلد نشأ، بشكله الحالي لأداء دور وظيفي، وهذا ما يلخّص حكم التوازنات في هذا البلد، وقاعدة حكم” لا غالب ولا مغلوب”، وهذا ما يندرج تحت باب “الديموقراطية التوافقية”، التي تشكّل الظلّ الأساس لحكم وادارة هذا البلد.

على الرغم من المساعي الحثيثة لربط الأزمة ومسارها، بتصريحات  وزير الاعلام  جورج قرداحي، الا أنه كان واضحا للجميع، لمن يرغب ولا يرغب أنّ كلام قرداحي، كان تفصيلاً في مسار الأزمة، وفي مسار التطورات في المنطقة، وذلك على الرغم من المحاولات الحثيثة، لتصوير “لبنان الصغير” جزيرة منفصلة عن محيطها، وأنه يمكن لهذا البلد العاجز اقتصاديّا، المفلّس سياسيّا، المنهوب ماليّا، أن يدير نفسه بنفسه، ويغلق الباب، في وجه كل ما يجري في المنطقة، من تجاذبات، وتطورات.

في دردشة معه، قال أحد الوزراء في الحكومة الحالية:

في لقاء جمعني مع أحد المسؤولين السعوديين عن الملف اللبناني، سألته “هل من المقبول اذا كانت هناك مشكلة مع وزير، او حتى مع فريق سياسي، ان تنسحب هذه المشكلة على اللبنانيين كافة؟”

تابع الوزير: ابتسم الرجل، إبتسامة فيها الكثير من الرسائل، وقال بلغة بسيطة، هل تدرك معاليك أن هذا الطلب في غير سياق اغلب الاتصالات اللبنانية مع السعودية مؤخرا ، والتي دعت الى التشدد في الموقف، لإرغام  الفريق الذي يدعم قرداحي، الى تقديم التنازلات، حتى لو إنعكست ارهاصات الازمة على جميع اللبنانيين.

 

 ما أسرّه الوزير في احدى الجلسات، جاه متماهيا مع ما قاله الوزير جورج قرداحي، عن الحملة المنظّمة من لبنانيين أدّت الى إستفحال  هذه الأزمة، والتّصعيد الخليجي تجاه لبنان،  وهذه ليست المرّة الأولى، التي يتكفّل فيها بعض اللبنانيين بـ”خوزقة” بعضهم، وبلدهم في دول الخارج.

كان قرداحي ذكيا، إختار توقيتا  يناسبه، والقى الكرة في ملعب السعودية، مشددا على موقفه ورأيه، وأنه اختار الإستقالة على استخدامه ذريعة لمقاطعة لبنان، لم يخسر قرداحي، بل خسر لبنان،  لكانت استقالته مخرجا لبقاً، لو تم التشاور في الأمر على طاولة لبنانيّة ومناقشة الأسباب والتبعات في بداية الأزمة، حتى لو خلص المجتمعون، الى أنّ هذه الاستقالة يمكن أن تشكّل مخرجا غير مناسب، وأن الاستقالة بعيدا من صوابيتها او عدمها قد  تساهم، في تخفيف الضغط عن لبنان، وان القطيعة السعودية للبنان كانت سحابة صيف عابرة، وأن العلاقات بين البلدين محكومة بالود، والندية في العلاقات، وستعود الى طبيعتها، بمونة سعودية على الجمهورية  اللبنانية.

 إنما ان يكون قرار الاستقالة بضغط فرنسي، وبخلاف الأعراف التي تحكم بين الدول فالامر يكرّس صورة لبنان الضعيف، الذي يُملى عليه، فينفذ.