عن تأتأة غسان سعود… والتجوّفات

إبراهيم درويش_العربي المستقل

يمكن أن تختلف مع أحدهم، يحقّ لك أن تقرّعه، أن تنهال عليه بوابل الإنتقادات، حدّ تسطيح أفكاره، واتّهامه بالسذاجة المطلقة، في معركة الانتصار للمفاهيم والمقاربات، حتى وإن غابت عنها أدبيات وأصول الإختلاف.

لكن عندما ينساق الإنسان خلف غرائزه وأنانيّته ويستوطن الحقد الأعمى في قلبه، عندها فقط يمكن لأيّ بشريّ، أن يخلع عنه رداء الإنسانية والأخلاق، فيستلّ سلاح التجريح، ممطرا هدفه برصاص مسموم، على جرح ظنّه عيبا لدى الآخر.

لم أقرأ سابقا، مقال غسان سعود عن “التأتأة”، ولم أكن أعتقد أنني يمكن أن أستحضر الحروف، لأتحدّث في ما لا يحقّ لأحد الحديث عنه، غير غسان، فضلاً عن أنّ الموضوع، لا يرتقي الى مستوى الخبر، لا سيما عندما نتحدّث عن صحفي، استطاع أن يشق طريقا لحروفه من دون “تقويم”، ولم يسمح لحالة عرضية، ان تعرقل ظهوره على الشاشة، والإستشراس في الدفاع عن ما يقتنع ويؤمن به، سواء أيّدناه، أو اختلفنا معه، حد الخصومة.

في آخر لقاء تلفزيوني جمعنا منذ أيام، وأمام الكاميرا الذي اكد غسان انها تزيد من ” التأتأة”، وكوني طوعا أجدني أعبر الى التفاصيل، رحت أراقب غسان، يطوّع الحروف، على شفتيه، قبل أن يطلقها في فضاء من اللباقة، مروّضاً حاجز تمرد أعصاب الفك، بسلاسة ودودة.

في لقاء آخر مع الزميلة لانا مدوّر، خرج سعود عن صمته، وحرّك شفتيه، بانسيابية ولباقة، ليخترق الضمور العقلي، والجمود الحاقد، في أذهان كثيرين، وليجدد التأكيد، على ان ما حاول البعض استغلاله مادة شهية للتنمّر، طوّعها بمهارة، ليجسدها إنعكاسا صريحا لحجم التجوفات في إدراكهم، وقصورهم عن المواجهة الفكرية، حتى وجدوا في حالة خلقية عابرة، فرصة للتنمر وإفراغ الأحقاد.