سادت في الأيام الماضية بعض الأجواء الإيجابية والتفاؤلية في معركة لبنان مع فيروس كورونا، مستندةً إلى أرقام عدد الوفيات والفحوصات الإيجابية وانخفاضها الواضح مقارنة بالأسابيع السابقة. ووفق بعض الدراسات المحلية، هناك نحو 40% من السكان قد أصيبوا بالعدوى، أضف إليهم 5% من الناس الذين تلقّوا اللقاح، إذاً اكتسب 45% من اللبنانيين المناعة. صحيح أنّ هذا الرقم ما زال بعيداً عن تحقيق المناعة المجتمعية، إلا أنه ساعد بطريقة ما في الحدّ من انتشار العدوى.
هذا التراجع في الإصابات وحالات الوفاة لا يعني أنّ لبنان سيطر على تفشي الوباء، أو تمكّن من احتوائه، إذ إن الأخطار لا تزال ماثلة، وتعكسها بعض المؤشرات المقلقة، مثل نسبة حدوث الوفيات والتفشّي الوبائي المحلّي، الذي يُبقي لبنان في المرحلة الرابعة من دائرة الخطر. وما تشهده الهند والبرازيل من موجات قاسية أكبر دليل على مدى شراسة المتحوّرات الفيروسية الجديدة، التي تهدّد مسار التطعيم.
وهذا ما يُفسّر حذر رئيسة برنامج الترصّد الوبائي في وزارة الصحّة الدكتورة ندى غصن أثناء التحدّث معها، فبرغم تفاؤل بعض الأطبّاء لهذا الانخفاض والحديث عنه، تؤكد لـ”النهار” أننا “ما زلنا في دائرة الخطر، وما زلنا في المرحلة الرابعة من التفشي الوبائي المحلّي. ما زالت هناك مؤشرات مقلقة ومنها نسبة الفحوصات الإيجابية التي لا تزال 13%، وتعدّ عالية ويجب أن تكون دون الـ5%. وكذلك نسبة الوفيات التي بلغت 10 لكل 100 ألف، والتي يجب أن تكون دون لـ2 لكل 100 ألف، ونسبة حدوث الوفيات التي سجلت 550 لكل 100 ألف، علماً أنه يجب أن تكون 20/ 100000”.
وتشدّد غصن على أهمية “المواضبة والتشجيع على التطعيم باللقاحات المتوافرة اليوم، قبل أن نشهد موجة فيروسية جديدة كما هي الحال في الهند والبرازيل. وعليه، كلما أسرعنا في تلقيح الناس تفادينا حدوث موجات جديدة. لم نتخطَ مرحلة الخطر وعلينا الالتزام بالإجراءات الوقائية، مثل ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي وغسل اليدين، التي تعدّ أساس الحماية الفردية والعائلية. بالإضافة إلى أهمية التطعيم والتسجيل على المنصّة وخصوصاً في المناطق النائية والأطراف مثل عكار، بعلبك الهرمل، النبطية… ونطلب من البلديات والجمعيات مساعدة الناس على التسجيل على المنصّة”.
كذلك أشارت إلى “انتشار السلالة البريطانية دون ظهور أيّ سلالات جديدة حتى الساعة. وفي هذا الصدد، تجهز الوزارة مختبر LAU ومهمته متابعة التسلسل الجيني. ويجب أن يكون لدينا نظام روتيني في لبنان للترصّد والمتابعة ومعرفة ماذا يحصل أسبوعياً. ويُشكّل هذا المختبر ركيزة حتى في عملية التطعيم، لأنه يسمح لنا بمعرفة مدى فاعلية اللقاحات على سلالات جديدة أو متحوّرات قد تظهر في أيّ لحظة”.