بدأ حزب الله تنفيذ الخطة “ب” لـ”الصمود ومواجهة الحصار ومنع تجويع الشعب اللبناني”. تلك التي سبق أن أشار إليها سريعاً الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في آخر خطابين له، وتولّى قبل يومين الكشف عن تفاصيلها عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، فيما تولّت وسائل إعلام الحزب ومواقع التواصل الاجتماعي نشر صور ومعلومات تفصيليّة عنها، ويمكن عنونتها بـ”بطاقات السجّاد وتعاونيات النور”.
فماذا في تفاصيل هذه الخطة؟ وماذا تشمل حالياً وفي المرحلة المقبلة؟ وما أبعاد البدء بتنفيذها حاليّاً ودلالاته؟
في حوار مع قناة “المنار” قبل يومين، كشف النائب حسن فضل الله بعض نقاط الخطة “ب” للصمود ودعم الشعب اللبناني وتفاصيلها، ومنها:
أوّلاً: تقديم 50 ألف حصّة غذائية ومساعدات مباشرة لحوالى 50 ألف عائلة، وسيصل عددها لاحقاً إلى 100 ألف عائلة. والمساعدات لن تقتصر على الجانب الغذائي، بل ستشمل المدارس والجانب الصحّي ومجالات حياتية أخرى.
ثانياً: تقديم قروض لحوالى 300 مشروع زراعي وصناعي وإنتاجي من مؤسّسة “القرض الحسن”، بالتعاون مع مؤسّسة “جهاد البناء”، وتُدرَس ملفات حوالى 2000 مشروع مستقبلاً، وذلك في إطار دعم الاقتصاد المنتج. وفي الجنوب أصبح الفرق كبيراً جداً في حجم الأراضي الزراعية منذ سنتين حتّى يومنا هذا، وفي المجال الصناعي توضع خطة عمل موازية.
ثالثاً: إدخال 14 ألف عائلة إلى لائحة المستفيدين من “قرض البنك الدولي”.
وقال فضل الله: “حزب الله لا يدعم بيئته فقط، بل نساعد ونحاول أن نساعد في مختلف المناطق. وفي الموضوع الزراعي، ذهبنا إلى كل لبنان وكل البيئات، ولكنّ قوى سياسية منعتنا من أن نفيد الآخرين. وفي انفجار المرفأ، كان اتّحاد بلديات الضاحية والهيئة الصحية والدفاع المدني أوّل من وصلوا وبدأوا العمل. وقد عرضنا المساعدة في إعمار المناطق المتضرّرة، لكنّ قوى سياسية رفضت حتّى يبقى هذا الجرح قابلاً للاستثمار سياسيّاً”.
إضافة إلى ما أعلنه النائب فضل الله، فقد بدأ توزيع بطاقات السجّاد، المخصّصة للشراء من “تعاونيات النور” التي افتتحها الحزب في مختلف المناطق اللبنانية. وهي توفّر المواد الغذائية بأسعار مخفّضة، وهي ستوزّع على عشرات آلاف المستفيدين. وأُعلن الحزب عن إنشاء صندوق الدعم والتبرّعات من رواتب مجاهدي الحزب وقيادييه وكوادره الذين يقبضون رواتبهم بالدولار الأميركي، بحيث يقدّم كل مجاهد أو قيادي جزءاً من راتبه إلى هذا الصندوق من أجل دعم العائلات المحتاجة.
أمّا تسمية البطاقات بـ”السَّجَّاد”، فذلك يعود إلى الإمام علي بن الحسين، الملقّب بـ”زين العابدين” وبـ”السجّاد”، لكثرة عبادته وسجوده. وهو كان يتولّى شخصياً توزيع الصدقات والمساعدات على الفقراء والمحتاجين. وينفّذ الحزب مشاريع أخرى، من بينها مائدة الإمام زين العابدين لإطعام الفقراء، خصوصاً في شهر رمضان.
وبحسب مصادر مطّلعة، سينفّذ الحزب خططاً أخرى، سيكشف عنها في وقت لاحق، وتهدف إلى توفير كلّ الاحتياجات الضروريّة لبيئة الحزب المباشرة ولكل من يحتاج إليها في البيئات الأخرى، ولن يسمح الحزب بحصار لبنان أو مواجهته أوضاعاً صعبة في كلّ المجالات الأساسية.
وبدأ الحزب بإطلاق العديد من المشاريع في بعض المناطق، من بينها توفير محطات كهرباء ودعم محطات للمياه ولمشاريع زراعية وصناعية. كما يخطّط لمساعدة بعض مؤسسات الدولة العاملة في بعض المناطق، إضافة إلى اتّخاذ إجراءات ميدانية، بالتعاون مع بلديات واتحادات بلديات، للحفاظ على الأمن ومواجهة بعض مظاهر العنف الاجتماعي التي تنتشر في بعض المناطق.
وليست الخطة “ب” للصمود بديلاً من مؤسسات الدولة وأجهزتها. لكن تشكّل خطة موازية لما تقوم به هذه المؤسسات، وهي تترافق مع مخاوف من استمرار الأزمة السياسية والحكومية، وإن كان الحزب ينشط بقوّة في الفترة الأخيرة لدعم المبادرة التي أطلقها الرئيس نبيه برّي للوصول إلى حلّ سياسي للأزمة الحكومية.
والملاحظ أنّ تطور أداء الحزب، وتوسيع الخدمات والمساعدات التي يقدّمها في مختلف المناطق، يتزامن مع تحسّن الأوضاع المالية في إيران واقتراب توقيع الاتفاق الاستراتيجي بين الصين وإيران، وبدء المفاوضات غير المباشرة بين أميركا وإيران للعودة الى الاتفاق النووي، وبدء حصول إيران على أموال كانت مجمّدة في بعض الدول بسبب العقوبات الأميركية السابقة. ويبدو أنّه كلما خفّت الضغوط المالية على إيران سيكون الحزب أكثر قدرة على توسيع تقديماته ومساعداته، فيتجاوز بذلك مرحلة الخطر والضغوط والعقوبات الأميركية، ويتابع بارتياح تطوّر مسار الوضع السياسي اللبناني بانتظار الحلول المناسبة، مفشلاً كل الخطط والرهانات الأميركية على انهياره أو انهيار الوضع اللبناني بسبب العقوبات والحصار والأزمة الاقتصادية والمالية والمعيشية.
قاسم قصير في “أساس ميديا”