صرخة من الجيش الابيض

كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:

في زمن “كورونا” الجيش الابيض بلا رواتب، عبارة تختصر معاناة موظفي المستشفيات الحكومية ومنها صيدا، مع التأخّر بدفع رواتبهم ومستحقّاتهم منذ أشهر، فيما الحلّ يكمن بكل بساطة بإعادتهم الى كنف الادارة العامة. غير أنّ آذان المسؤولين لم تلتقط عذاباتهم في زمن تفشّي الوباء، بعدما قدّموا تضحيات جساماً من الطواقم الطبية والتمريضية ولوّحوا مراراً بالإضراب المفتوح من دون أن يتوقفوا عن استقبال المصابين، لأنّ قسمهم المهني وضميرهم الانساني يمنعانهم من ذلك.

وبغصّة لا تخلو من حسرة، يشرح رئيس لجنة موظفي مستشفى صيدا الحكومي خليل كاعين المعاناة في ظل ظروف معيشية ومالية سيئة وغير مسبوقة، ويقول لـ”نداء الوطن”: “رواتبنا باتت لا تساوي شيئاً امام تدهور صرف العملة الوطنية، فهي لا تكفي لاول عشرة ايام من بداية الشهر، فكيف الحال اذا لم نتلقّ رواتبنا للشهر الثاني والحبل على الجرّار؟ بات الموظف يستدين كي يملأ سيارته بالوقود ويستطيع الحضور الى المستشفى لخدمة أهلنا، خصوصاً في هذه الظروف الصحّية السيئة نتيجة فيروس “كورونا” ويستدين ليؤمّن قوت عائلته وكلّ متطلّبات اولاده بالحدّ الادنى”.

ويؤكد كاعين أن الاضراب المفتوح أو عدم استقبال المصابين أمر غير مطروح مهما كانت الاسباب، “فنحن لا نستطيع اللعب بحياة الناس بالرغم من حجم معاناتنا، سيما وأنّ المستشفى اكبر ملاذ للمصابين من جهة، وفيه مركز التلقيح ضدّ “كورونا” واجراء الفحوصات من جهة أخرى، ونحن امام خيارات اخرى مثل تنويع الاحتجاجات، زيادة عددها للضغط على المسؤولين لتلبية مطالبنا المحقّة، نحن لا نريد زيادة ولا علاوات ولا حوافز او مكافآت، بل نريد حقّنا في الراتب، نحن نقوم بواجبنا وعلى الدولة القيام بواجباتها”، ودعا وزير الصحة “الى الاسراع في الالتفات الى موظفي المستشفيات الحكومية كأولوية لحلّ مشاكلهم المالية المستعصية من دون تأخير، فالازمة الحالية التي نمرّ بها في مستشفى صيدا وحاصبيا وميس الجبل وبعبدا وسير الضنية واللائحة تطول.. ليست كالأزمات السابقة بسبب الغلاء الفاحش للمواد الغذائية، عدا عن الاوضاع المالية والاقتصادية السيّئة التي تمرّ بها البلاد”.

في باحة المستشفى الخارجية، وقف عشرات الموظفين من طواقم مختلفة وقفة احتجاج، رفعوا لافتات بمطالبهم، متسائلين: “هل من المعقول أن يبقى الجيش الأبيض بلا رواتب ومستحقّات مالية اخرى كان من المفترض أن يتمّ دفع حوافز مالية للعاملين في المستشفى، لأنهّم رأس حربة لمحاربة فيروس “كورونا” وإذ بنا بتنا نتمنّى اقلّ حقوقنا وهو الراتب”.

ودعا الممرّض علي الى الاسراع بإقرار اقتراح القانون المقدّم من النائب بلال عبد الله (اعادة موظفي المستشفيات الحكومية الى كنف الادارة العامة)، “علماً أنّه تم تقديم الاقتراح منذ حوالى السنة الى أمانة سرّ مجلس النواب، ويعتبر هذا القانون خشبة خلاص لكل مشاكلنا”. وناشد الفاعليات السياسية والاجتماعية والجمعيات الاهلية في المدينة “السعي لحلّ ازمة الرواتب المتأخرة، كما دعموا وما زالوا مستمرين بدعم المستشفى بالمواد الضرورية من مواد طبية واوكسجين وغيرها منذ بداية انتشار الفيروس”.

الى جانب الصرخة، تدحرجت الاصابات بالفيروس في المدينة، وأعلن رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي اصابته بالفيروس، وانه ملتزم بالحجر المنزلي، بينما قرّر محافظ الجنوب منصور ضو تمديد اقفال مصلحة المالية في سراي صيدا الحكومي إلى يوم الثلثاء القادم، بعد تزايد عدد الاصابات بين الموظفين وتسجيل أربع حالات إيجابية. إلا أنّ انتشار العدوى حال دون عودة العمل فيها لاستقبال المواطنين وتسيير معاملاتهم، الى حين انتهاء جميع الموظفين من إجراء فحوصات PCR حرصاً على سلامة الجميع.