تسلّمت شركة “فارمالاين” اللبنانيّة، يوم الخميس الماضي، 50 ألف جرعة من لقاح “سبوتنيك v”، كدفعة أولى من أصل مليون جرعة أعلنت الشركة أنّها ستصل تباعاً، وأسبوعياً، إلى لبنان. على أن يُباع اللقاح في المرحلة الأولى للجمعيّات والشركات الخاصّة والبلديّات حصراً، بـ38$، إضافة إلى “سعر الإبرة”.
بحسب الشركة، تسجّلت 600 شركة لتلقّي ما يزيد على 60 ألف جرعة، حتّى يوم الجمعة فقط، ما يعكس إقبالاً شديداً جدّاً، على أوّل “لقاح تجاري”، وصل من خارج خطّة وزارة الصحّة الوطنية، للحصول على لقاح استعمل في أكثر من 50 بلداً حول العالم، وأثبت فعّاليّته بنسبة 91.6% وفق البيانات التي نشرتها المجلّة الطبّيّة “ذا لانسيت”.
لكن لماذا هذا السعر المرتفع، الذي يقارب 500 ألف ليرة للشخص الواحد؟
تدافع مصادر متابعة بأنّ “روسيا لا تبيع اللقاح مباشرة للشركات الخاصّة، بل في أكثر الحالات عبر شركات وسيطة، لأسباب تتعلّق بالعقوبات الأوروبيّة والأميركيّة. وقد حصل لبنان على الصفقة عن طريق شركة إماراتيّة وسيطة، وهذا هو سبب ارتفاع سعره”.
مصادر وزارة الصحّة، التي تؤكّد فعّاليّة كل اللقاحات التي تدخل الأراضي اللبنانية، توضح لـ”أساس” أنّ الجرعة الأولى من “الروسي” سيعطيها بعد غد الثلاثاء وزير الصحّة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن لموظّفي “الميدل إيست”، التي اشترت كمية منه لموظفيها.
وفيما يتعلّق باللغط الذي أثارته منصّة شركة “فارمالاين”، وهي شركة لبنانيّة يملكها رجل الأعمال جاك صرّاف، أوضحت مصادر الوزارة أنّ “المنصّة هي عبارة عن فرع من منصّة وزارة الصحّة، أمّا آليّة التسجيل فهي نفسها، أي أنّ التسجيل يكون مسبقاً قبل تلقّي اللقاح”، وتؤكّد المصادر أنّ “الداتا التي تُدخَل إلى هذه المنصّة تلقائياً لدى وزارة الصحّة، والجرعات ستُعطى في مراكز تشرف عليها الوزارة”.
رئيس مجلس إدارة شركة “فارما لاين”، جاك صرّاف، أوضح أنّ الشركات التي اشترت اللقاح عليها الولوج إلى الموقع المخصّص، لتحدّد الكمية التي تريدها لموظفيها”. وأضاف في حديث لـ”أساس”: “بعد ذلك تأتي الموافقة ويتم الدفع وحجز الجرعات للموظفين”.
يكشف صرّاف أنّ شركته ستعلن التفاصيل في مؤتمر صحافي يوم الجمعة المقبل، متفاخراً بأنّ “لبنان على الرغم من أزماته، هو البلد الأوّل الذي تحمّل فيه القطاع الخاص مسؤوليته دون مساعدة دولية”، مبدياً تحفّظه على “سياسة منظمة الصحة العالمية التي لم تقدّم لنا أيّ مساعدة”.
وشدّد صرّاف على ضرورة المتابعة الطبية: “تعاقدنا مع مستشفيات عدّة والأولوية كانت حماية المريض. هناك طبيب مراقب يقرأ الملفّ، ثم يتم التلقيح بواسطة ممرّضة، بعد ذلك يرتاح المريض قليلاً قبل المغادرة”.أمّا البلديّات التي بدأت بحجز اللقاح من بينها جبيل، بشرّي، البترون، ضهور الشوير.. وغيرها.
رئيس بلديّة جبيل وسام زعرور كشف لـ”أساس” أنّ البلديّة حجزت 500 جرعة بكلفة تقارب 250 مليون ليرة: “البلديّة لم تدفع شيئاً بل القطاع الخاصّ في المنطقة هو الذي تكفّل بشراء هذه الجرعات”.
وأكّد زعرور أنّ “التلقيح سيستهدف فئات معيّنة، والأولويّة ليست لموظّفي البلديّة، بل من هم بين 60 و75 عاماً، ومن يعانون من مشاكل صحيّة مزمنة من أبناء المدينة وسكّانها”.
وفيما يتعلّق بتسجيل البيانات يوضّح زعرور أنّ “95% من الذين سجّلوا أسماءهم لدينا، كانوا قد سجّلوها في وقت سابق على منصّة وزارة الصحّة، وهذا يسهّل علينا الأمر، فحينما نسجّل الأسماء على منصّة فارمالاين تكون الداتا جاهزة ويمكن تحديد موعد تلقّي الجرعات في حينه”.
أما بلديّة بشرّي فقد انتهت أمس من تسجيل أسماء الفئات المستهدفة، بمبادرة من النائب ستريدا جعجع. وكان رئيس اتّحاد بلديّات منطقة البترون مرسيلينو الحرك، في وقت سابق عن “مبادرة شركة خاصّة يملكها أحد أبناء المدينة، وهو مقيم في الولايات المتّحدة الأميركيّة، إلى التبرّع بثمن 2000 لقاح لأبناء المدينة وفقاً لشروط وأولويّات معيّنة”.
طبيب الأمراض الجرثوميّة الدكتور محمد حجيج أكّد لـ”أساس” أنّ “اللقاح الروسيّ شبيه باللقاح الإنكليزيّ “أسترازينيكا”، فكلٌّ منهما يعتمد على تقنيّة Adenoviruses، وهي تقنيّة تختلف عن اللقاح الصينيّ ولقاحيْ فايزر وموديرنا، وهو عبارة عن فيروس معدّل جينيّاً يحمل جزيئات من كورونا، ولا يؤذي الجسم”.
ولفت حجيج إلى أنّ “التجارب والدراسات حتى الآن ممتازة، ولا سيّما أنّ فعّاليّة “سبوتنيك v” تخطّت 90%”، مشيراً إلى أنّ “النقطة الأهمّ هي كون هذه اللقاحات في حال الإصابة لفيروس كورونا، فإنّه بعد تلقّيها واكتساب المناعة، تحمي من احتمال تدهور الصحّة، وتقي الملقّحين من الحاجة إلى المستشفى وإلى أجهزة التنفّس الاصطناعيّ، وتحدّ من الوفيات”.
وعن ردود الفعل التي يسجّلها الجسم بعد تلقّي اللقاح، يوضح طبيب الأمراض الجرثوميّة أنّ “الجرعة الأولى لا تكون عادةً قاسية، لكن الجرعة الثانية هي المتعبة. وهذا مؤشر إيجابيّ جدّاً، إذ يدلّ على تفاعل الجسم مع اللقاح، لذلك نجد الشبّان يشعرون بالتعب أكثر من كبار العمر لأنّ المناعة لديهم أقوى، وأنا أنصح بعدم أخذ خافضات حرارة في حال لم تتخطَّ الحرارة 38.5 لأنّ الجهاز المناعيّ يحتاج إلى الحرارة كي يعمل بشكل أفضل”.
وفيما يتعلّق بكون عوارض اللقاح الصينيّ هي الأقلّ وفق الدراسات، يقول حجيج: “علينا أن ننتظر لنرى إن كان هذا المؤشر إيجابيّاً أم لا. غير أنّ دراسات بدأت تتحدّث عن الاتجاه لإعطاء جرعة ثالثة من هذا اللقاح وعدم الاكتفاء بجرعتين”.