ضغط الشارع لم يهزّ السلطة.. فهل تهزها الثورة الإفتراضيّة؟

ضغط الشارع لم يهزّ السلطة.. فهل تهزها الثورة الإفتراضيّة؟

عيسى طفيلي

منذ أن إنطلقت ثورة ١٧ تشرين في لبنان، ولم يقدّم الثوار حلاً بديلاً عن السلطة الحاليّة. ففي لبنان سلطة عمرها ٣٠ سنة من الكذب والدجل على الناس، لكنها، شئنا ام أبينا، سلطة حاكمة وتدير شؤون الدولة رغم إنغماسها بالفساد.
في بداية الثورة، شرع الثوار يطالبون بإسقاط النظام وإسقاط الرؤساء الثلاثة مع مجالسهم من دون أن يتمّ طرح حل وحيد بديل عن هذه السلطة، مع العلم أنّ الفراغ أصعب بكثير من الواقع الذي نعيشه. فإسقاط النّظام ورموزه لا يحل المشكلة من دون طرح بديل مسبق يستطيع تأمين خروج سليم من المأزق الذي نعيشه.
لم تستطع الثورة أن تحقّق أي تغيير في هذا البلد، أو في سلوكيّات ساسته، ولم تستطع هزّ عرش اّيّ منهم، لا بل زادوا في طغيانهم. هذا الفشل والملل الذي حصل عقب الثورة، نقل اللبنانيين من مرحلة الثورة في الشارع الى مرحلة الثورة على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى فاضت الصفحات بإنتقاد السلطة السياسيّة، وكثرت منشورات التهكّم وشتم لرموز السلطة الحاكمة. مع العلم أن الجميع يعلم أنّ الفاسد الذي لم يوجعه تحرك الشارع ضدّه لن يزعجه التحرّك الإفتراضي الذي لا يسمن ولا يغني من حوع.
واقعنا المعيشي متدهور، لا قيمة للأجور التي يتقاضاها اللبنانيون بالليرة اللبنانية، الوضع الاقتصادي الى مزيد من الانهيار، إرتفاع في سعر صرف الدولار، غلاء معيشي فاحش، سعر ربطة الخبز الى مزيد من الإرتفاع، شحّ كبير في الأدوية، بدء نفاد اللوازم الطبيّة من المستشفيات، واللائحة تطول… كل هذا وأكثر يحدث في لبنان، وكل هذه الأزمات لا تحلّ إلا بالحوار والضغط المباشرين مع وعلى النظام الحاكم وليس في التمترس خلف منصّات مواقع التواصل.
تضيق أفق الحلول، لكن الوقت قد آن، لمحاولة الشروع في خطوة، ربما يعوّل عليها،حتى لو بقيت مسجونة في أطر المحاولة، لتشكيل قوّة شعبية مستقّلة، مؤمنة بحقّها في الإستحصال على أبسط مقوّمات العيش الكريم، عبر الإلتفاف حول طروحات، تقدّم أطر حلّ، أو قراءات، لسبل التغيير، في النهج الحاكم والمستحكم في هذا البلد.