كتب إبراهيم درويش
في الوقت، الذي انشغلت فيه القراءات والتحليلات والمتابعات، في البحث، عن هويّة وأهداف غزاة الشمال، كانت طرابلس، وجريا على عادتها، منهمكة، في لملمة أشلاء جسدها المتهالك.
شعارات ممجوجة إعتاد اللبنانيون سماعها حول الحساب، والمعاقبة والمتابعة، فيما تبقى الدولة، “الشهيد الحي”، في كل أزمة متجددة، لتؤكد سقوط النظام القائم، وترنّحه على شفير الإنهيار.
ولأن الغوص في تفاصيل ما حدث في اليومين الماضيين، أعقب بمواكبات مستفيضة، أرى مفيداً، لا بل ضروريا، الإبحار في جولة سريعة على بعض التواريخ التي احتلت فيها طرابلس الصفحات الأولى في الصحف، والهوامش العليا في المواقع الالكترونية، والحيّز الاكبر من مقدمات نشرات الاخبار.
– 20 أيار 2007: 128 شهيدا للجيش، وعشرات الشهداء المدنيين، في أحداث مخيم نهر البارد، بعد قيام مجموعات مسلحة باطلاق النار على القوى الأمنية، وتمدد حالات الشغب الى الشوارع المجاورة.
– 17 حزيران 2011: مقتل سبعة أشخاص وإصابة 59 مواطنا اثر مواجهات بين باب التبانة وجبل محسن
-10 شباط 2012: مقتل ثلاثة اشخاص في اشتباكات بين جبل محسن وباب التبانة
-12 أيار 2012: مقتل عدد من المواطنين في اشتباكات بين جبل محسن وباب التبانة.
-2 حزيران 2012: مقتل حوالي 15 شخصا في اشتباكات جبل محسن وباب التبانة.
-18_21_ 27 تموز 2012: قتلى وجرحى في اشتباكات جبل محسن وباب التبانة.
-9_20_21_23_ 24 آب 2012: إضطرابات ومواجهات واطلاق قذائف واحراق محال، وعشرات القتلى ومئات الجرحى في اشتباكات متنقّلة في المدينة.
-11_19_21 أوكتوبر 2012: قتلى وجرحى في تجدد الاشتباكات بين جبل محسن وباب التبانة.
-12 كانون الأول 2012: قتلى وجرحى في تجدد الاشتباكات في جبل محسن وباب التبانة.
-28 شباط، 22 آذار، 19 أيار، 4 حزيران، 29 و30 تشرين الثاني 2013: عشرات القتلى وجرحى في تجدد الاشتباكات في طرابلس بين جبل محسن وباب التبانة.
23 آب 2013: تفجيران استهدفا طرابلس تسببا بمقتل 47 شخص وإصابة أكثر من 500 آخرين
20 كانون الثاني 2014: إغتيال القيادي في الحزب العربي الديمقراطي عبد الرحمن دياب
آذار 2014: مقتل 25 شخص وإصابة 175 آخرين بجروح في تجدد المواجهات.
في السطور أعلاه، إحاطة مختصرة، لسنوات من النزف الطرابلسي البطيئ، دفع خلالها الطرابلسين، اثمان لعبة التجاذبات السياسية، في حرب، لا يريدوها، ولم يختاروا يوما خوضها.
على مدى سنوات المعارك الطاحنة التي دارت رحاها على الساحة الطرابلسية، وتابعتها لحظة بلحظة، ويوما بيوم، لم يملك أي من سياسيي طرابلس، ولا من قياداتها الأمنية، أو مرجعيّاتها السياسيّة، الإجابة عن سبب نشوب الخلافات، ودائما كانت المساحة المشتركة في معطياتهم، أنّ هناك جهة ما فتحت النار، لتقتات من دماء أبرياء الشمال، قبل أن يتنكّر المعنيّون بزيّ “سعاة الخير”، ويصدحون عبر شاشات التلفزة، بمساعيهم الحميدة، التي نجحت في اقتصار اعداد القتلى والشهداء الأبرياء على العشرات.
يُتّمت “عروسة الشمال” في ريعان شبابها، وقدّر لها أن تُثكل مع كل معموديّة دم، حيث يتسلّل خفافيش الليل، فوق وجع الناس، وحرمانهم، وبؤسهم، في وقت يواصل الأوصياء تواشيح الرثاء، على وقع الحان لا تغني ولا تسمن من جوع، ليبقى السؤال من المستفيد من إبقاء طرابلس موغلة بالفقر! ويسرق تاريخ أهلها، ومستقبل شبابها الذين بات جل طموحهم العيش الكريم وعدم الموت قهرا وفقراً، اذا ما استطاعوا الى ذلك سبيلا.