ليلة عصيبة عاشتها طرابلس… لخطّة إقتصاديّة…لا أمنيّة
إبراهيم درويش
ليلة عصيبة مرّت على طرابلس أمس، بعد أن تحوّلت التظاهرات في ساحة النور الى ساحة مواجهات، سقط فيها ما يزيد عن ال 220 جريحا بين مدنيين وقوى أمنيّة.
قوى الأمن الداخلي، كرّرت تحذيراتها من العبث بالأمن، محذّرة من أنّها ستقوم بواجبها لحفظ الأمن، في وقت اشتدّت فيه حدة المواجهات مع ساعات الليل الأولى، واستمرّت حتى منتصف الليل، بعد جولات كرّ وفرّ، وتعزيزات أمنيّة وعسكريّة.
تكثر التحليلات والتأويلات، حول سبب تحركات الشمال، وهويّة المتحرّكين على الأرض وأهدافهم، فيما يصرّ البعض على وضع التحرّكات في خانة التوظيف السياسي.
“العربي المستقل”، ونتيجة المتابعة الميدانيّة من ساحة النور، لمست إختلافا في هويّة المتظاهرين، الذين يخرجون نهارا، رفضا للوضع الاقتصادي الرديء الذي يعصف بالمنطقة، وحرمانها من أبسط الحقوق، حتى باتت أوضاع أهلها وبنيها، تلامس القاع، في ظل غياب أي خطة اقتصاديّة، تخفّف عن المنطقة، بؤسها، ووجعها، وبين مجموعات تتحرّك ليلاً، وتوغل في إشتباكها مع القوى الأمنيّة.
قيادات ومرجعيّات سياسيّة، تعاقبت على الحكم، وتولّت أرفع المناصب، بأصوات ودعم الطرابلسيين، أكلوا من خيرها، وبم يحفظوا عطاءاتها، من دون أن يقدّموا للمنطقة، أيّ برنامج او خطّة إنمائيّة، تنتشلها من واقع مأساوي، وصلت اليه، بفعل السياسات المجحفة، بحقّ المنطقة.
سؤال جوهري، لا بدّ من طرحه، قبل أي تساؤل يرافق خروج الطرابلسيين الى الشوارع، “ما الذي تم تقديمه لأهل طرابلس؟ لإسقاط أي حجة لديهم، للخروج شاهرين سيفهم، في وجه كل شيء.
سنوات من الحرمان، يدفع ثمنها أهل طرابلس، من دون أن يجدوا، أذاناً صاغية، لمطالباتهم، أو يداً تمتدّ لبلسمة جراحهم.
لا يمكن لأحد، أن ينفي وجود مستفيدين من التحرّكات الشماليّة، كما لا يمكن لآخرين أن يسقطوا، وجود فقراء موجوعين، ضاقت بهم سبل العيش، وشحّت مصادر رزقهم، لاسيّما مع اشتداد وطأة كورونا، والإقفال، الذي فرضته الدولة، في ظل غياب أيّ خطة، تراعي تأمين قوت الفقراء.
ما تحتاجه طرابلس اليوم، ليس خطة أمنيّة محكمة، بل خطة إقتصاديّة إجتماعيّة، ترفع عن المنطقة غبنها، وبؤسها، فهل لا زال هناك ما يرتجى، ممّن على إمتداد سنوات وسنوات، صمّوا آذانهم، وأغمضوا عيونهم، عن أوجاع النّاس .