مؤسسة بدر في خضم المعركة في وجه الكيان

في زيارة الى مدرسة “عمر فروخ” في منطقة “الكولا” في بيروت، وهي بالأساس مدرسة رسمية تحولت مؤخراً إلى مركز إيواء مؤقت للنازحين من الجنوب اللبناني ولأولئك الذين تركوا منازلهم بسبب القصف المتواصل على مناطقهم، وفور أن تطأ قدميك المكان تشعر بمزيج من الحزن والهول.

أسر بأكملها وجدت نفسها مضطرة إلى ترك كل شيء خلفها واللجوء إلى صفوف دراسية تحولت فجأة إلى غرف نوم مؤقتة، أطفال كانوا يلعبون في ساحات ضيعهم هم اليوم أسرى ممرات ضيقة وملعب يضج بعدم اليقين والخوف من المجهول.

 

لا أحد يعلم متى سيعود إلى بيته، أو حتى إذا كان هناك من بيت ليعود إليه،

أحاديث جانبية تدور بين النازحين تعكس حالة القلق، لكنها تحمل أيضًا الكثير من الصبر والأمل.

 

رغم هذه الصعوبات، كنت شاهدة على لمحة من الإنسانية الجميلة. في هذا المكان المليء بالهموم، كان هناك من يبذل جهدًا لتخفيف معاناة هؤلاء الناس. “مؤسسة بدر” جمعية خيرية لبنانية يترأسها النائب نبيل بدر تولت مهمة دعم النازحين في هذا المركز كما في عدة مركز ضمن العاصمة وخارجها، حيث أظهرت هذه الجمعية قدرًا كبيرًا من الالتزام والرعاية والتنظيم، إذ دورها لم يقتصر على توفير الطعام والشراب فقط، بل شمل الرعاية الطبية والدعم النفسي للنازحين.

أحد المتطوعين في الجمعية أخبرني بأنهم مع شباب المنطقة وبالتعاون مع فاعلي الخير يقدمون وجبات يومية، ويعملون على توفير الأدوية الأساسية والملابس والادوات المنزلية اللازمة وغيرها، وهم يعطون أهمية خاصة للأطفال من خلال تنظيم أنشطة ترفيهية لهم، مما يساعدهم على نسيان، ولو لفترة قصيرة، مشاهد العنف التي تعرضوا لها.

رأيت هؤلاء الأطفال يلعبون ويرسمون، رغم أن عيونهم كانت تحمل أثقالًا لا ينبغي أي طفل تحملها.

 

وسط هذا الواقع المرير، يبقى الأمل موجودًا. من خلال هذه الجهود التي تقوم بها الجمعيات الخيرية ومتطوعيها، ما رأيته من تكاتف، تعاون وتفاني في خدمة الآخرين، يضيء بصيصًا من النور في عتمة المعاناة، وهو رسالة إنسانية تذكرنا جميعًا بأن الأمل في الإنسان لا يزال حيًا.