إبراهيم درويش – العربي المستقل
لا شكّ أنّنا أمام تطوّر هام وكبير جداً على مستوى الدولي، في ظل سياقات سياسية واستراتيجية كبيرة، أعقبت “طوفان الاقصى”، وفي ظل حالة الترهّل التي تظّهرت عيوبها، وتفتّقت خيوط تجميلها، لتظهر حجم التآكل في جسد المجتمع الدولي، الذي لطالما آثر الوقوف متفرجا على الارتكابات، انما هذه المرة، لم يشفع تبديل البزات الرسمية، في إخفاء بقع الدم الفلسطينية عن ايدي اللاعبين الدوليين والاممين، بعد ان عجزت عن استيعابها، أوداج مصاصي الدماء، حيث ترك للاسرائيلي، أن يطلق العنان لخياله، ليتشفى، ويتفنن في صناعة الموت.
خطوة متأخرة ، وغير كافية لمجلس الامن، ولا تعطي صاحب الحق حقه ولا سيما انها لم تلحظ وقفا دائما لإطلاق النار، وكان يجب ان تكون سباقة على بدء الارتكابات الاسرائيلية في قطاع غزة، بل منذ عقود طويلة على الاستيطان المتوحش، الذي كرّس النفوذ الدولي في خدمة مصالحه الاستعمارية.
وقف فوري لإطلاق النار، توصّل اليه مجلس الامن، بعدما لم تشهر الولايات المتحدة الفيتو، لكن هذا يدفعنا مباشرة الى استذكار سجل طويل من القرارات التي قفز فوقها اليكان والولايات المتحدة الاميركية، ومنها قرار بأهمية قرار مجلس الأمن الدولي والذي يحمل رقم 497 والصادر بتاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول 1981، واعتبر أن قرار إسرائيل فرض قوانينها وولايتها وإدارتها على الجولان السوري المحتل لاغٍ وباطل وليس له أثر قانوني دولي، وطالب فيه إسرائيل بأن تلغي قرارها على الفور، وطبعا لا زال هذا القرار، ساكنا ادرج مجلس الامن، اضافة الى القرارات المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني، والمتعلق بحق اللبنانيين، في سيادتهم على ارضهم، وانسحاب كيان الاحتلال منها.
اذاً بقراءة اولية، يجب ان نميز بين السياق القانوني، والسياق السياسي، الذي يفرض وزره على قرارات واحد من اجهزة ادارة النظام العالمي المتشكل بعد الحرب العالمية الثانية، ومدى القدرة على استتباع هذه الخطوة، بالاجراءات التنفيذية الملزمة، وكيف سيتصرف كيان الاحتلال حيال هذا القرار، وما السبب الحقيقي الذي دفع بالولايات المتحدة الاميركية الى عدم رفع الفيتو؟ فهل أحرجت، لما للأمر من ارتباط وثيق بالانتخابات الرئاسية الاميركية، وبمسؤوليتها المباشرةعن الدماء الفلسطينية، في ظل الجنون الاسرائيلي، الذي يبحث عن انتصار على حساب المدنيين، ام اننا امام متغير كبير على مستوى التوازنات القائمة، في واحدة من أهم مؤسسات المجتمع الدولي، وهذا ما قد يقودنا الى السؤال الاهم، “هل هذا القرار واحد من الوجوه الاصرح، على التعددية القطبية؟” لا سيما ان هذا القرار، اتى بعد فيتو صيني روسي مشترك، على قرار اميركي وصف ب”المسيّس” حول غزة.