«إنت وقفتي مع حدا هتف لمحمد الضيف، إنت مش بس ممانعة. إنت مجرمة بحق الـ AUB»!
هكذا قمع أستاذ التاريخ في الجامعة الأميركية في بيروت، مكرم رباح، إحدى الطالبات التي استغلّت المساحة المعطاة لها في ندوة نُظّمت قبل أيام في الجامعة.
…
وقبل 10 أيام، قرّر زميل رباح وصديقه، الرئيس السابق لقسم الفلسفة في الجامعة الأميركية في بيروت بشار حيدر، استضافة الأكاديمي الصهيوني أليك والن في جلسة نقاش استفزازية عبر تطبيق «زووم»، حول «أخلاقيات الحرب في غزة»، ما أثار غضب قسم من الهيئة التعليمية والطلاب، لما يحمله العنوان من تبنٍّ وترويج للسردية الإسرائيلية، عبر «اعتبار الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الفلسطينيين في غزة حرباً بين طرفين تجوز مناقشة أخلاقياتها». وعلى الفور، تحرّك كل من «الاتحاد الطلابي العام» و«النادي الثقافي الفلسطيني» ومجموعة «معرفة من أجل التحرير»، أمام مبنى معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة كونه أحد منظّمي الجلسة. ومع انسحاب المعهد من التنظيم، نقل الطلاب تحركهم إلى أمام قسم الفلسفة وهتفوا لغزة ومقاومتها وشعبها الصامد، وضد حيدر لمحاولته «إفراد ساعة ونصف ساعة لأكاديمي ينكر بشكل صريح وواضح حق العودة لفلسطينيّي الشتات، ويعدّه نذيراً بإبادة جماعية بحق يهود إسرائيل».
دفعت التحركات إدارة الجامعة إلى إلغاء الجلسة بحجة ما سمّته «تهديدات أمنية»، متجاهلة إرادة الطلاب والكادر التعليمي. وفي اليوم نفسه (10-11-2023)، نشر رباح مقالاً صحافياً بعنوان «أخلاقيات الجامعة الأميركية مقابل عالم أسود»، حمّل فيه، كعادته، حزب الله مسؤولية التحركات وتوجيه «تهديدات» إلى الجامعة، واعتبر فيه أن من «المضلّل» القول إن «اعتراف المرء بوجود دولة إسرائيل وحقّها في الدفاع عن نفسها يجعل منه مناصراً للعنف والقتل اللذيْن يحصلان ضدّ المدنيّين في قطاع غزّة»! ووصل الاستلاب برباح إلى حدّ وصمه بعض القائمين بالتحركات بـ«الانحلال الأخلاقيّ والأدبيّ» كونهم «من الذين يستفيدون من أموال ورواتب تأتيهم من منح وبرامج مرتبطة بالغرب»، ما يعني أن عليهم أن يبصموا على كل ما يريده الغرب كوليّ لنعمتهم!
…
وهذه ليست المرة الأولى التي يستضيف فيها بشار حيدر أكاديميين صهاينة، إذ سبق أن استضاف عام 2018 الباحث الأميركي في جامعة أوكسفورد ومستشار كلية الفلسفة في الجامعة العبرية في القدس المحتلة، جيف مكماهان، للتحدث عن «إعادة النظر في أخلاقيات الحرب».
…
إدارة مدارس البعثة العلمانية الفرنسية في لبنان قد سلكت أيضاً الطريق نفسه، معتمدة سياسة كمّ الأفواه المناهضة للمجازر الإسرائيلية في غزة. فقد عمّمت إدارة البعثة على الأساتذة التجاهل التام للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، وقمع أيّ نشاط طالبي تضامني، وقطع الطريق على أي نقاش «من شأنه أن يؤدي إلى معاداة السامية وضرب الهوية العلمانية للمؤسسات التربوية التابعة للبعثة».
…
منعت إحدى المعلمات تلميذتها من اختيار مجازر غزة موضوعاً لنشاطها لأنّ «المدير لن يقبل بأي كلام عن غزة داخل حرم المدرسة».
وتبرّر إدارات المدارس هذا التعتيم بـ«فوبيا الوقوع في معاداة السامية»، كما ينقل أحد طلاب مدارس البعثة، فيما يشير آخر إلى أنّ «المعلّمة تتذرّع بعلمانيّتها كلّما جرّبنا طرح موضوع الحرب على غزة وطلبت منا عدم التدخّل»، متسائلاً «هل تعني العلمانية التجرّد من الإنسانية والمبادئ الأخلاقية؟».
الثابت والطاغي على المشهد في مدارس «الحريات العامة» كمّ الأفواه فقط عندما يتعلق الأمر بجرائم إسرائيل، وهذا بحدّ ذاته موقف داعم للعدوّ لا يمتّ إلى الحياد بصلة.
#فاتن_الحاج #زينب_حمود