قصة المطارد الذي أفسد مسيرة كوالياريلا!
مساء أمس، خاض فابيو #كوالياريلا المباراة الأخيرة مع #سمبدوريا على ملعبه في الدرجة الأولى، على أن تكون مباراته الأخيرة مع السامب هذا الموسم أمام فريقه الأسبق #نابولي. الرقم ٢٧ ينتهي عقده مع فريقه الحالي في نهاية الموسم، لكنه أعلن استعداده تجديد العقد لمساعدته على العودة إلى الدرجة الأولى، إذا قررت الإدارة ذلك.
اللاعب، البالغ من العمر ٤٠ عاماً، هو من أكثر المهاجمين الإيطاليين تكاملاً وتنوعاً على صعيد الخصائص، والأكثر تميّزاً تقنياً، في العقدين الأخيرين. لكن ظروفاً استثنائية في مسيرته، حالت دون إظهار ذلك بشكل مستمر ولمدة طويلة. أقسى هذه الظروف وأكثرها تأثيراً بشكل سلبي عليه، كانت قصته مع مطارد حوّل حياته جحيماً داخل وخارج الملعب.
القصة بدأت في العام ٢٠٠٦. كان كوالياريلا في مسقط رأسه، كاستيلاماري دي ستابيا، بالقرب من نابولي، خلال عطلة عيد الميلاد. التقى صديق طفولته جوليو دي ريزو، وأخبره أن أحداً ما اخترق حساب الماسنجر الخاص به، على جهاز الكومبيوتر الخاص به، فما كان من دي ريزو إلا أن أوصاه باللجوء إلى أحد عناصر الشرطة، ممن يعملون في قسم الاحتيال البريدي والجرائم الإلكترونية، لمساعدته، ويُدعى رافاييلي بيكولو.
الأخير كان قد رافق دي ريزو، قبل ذلك بأشهر قليلة، إلى مقر شرطة نابولي لتقديم محضر، حين كان يتلقى رسائل من مجهول عبر صندوق البريد الخاص بمتجره، فيها اتهام له بالعمل مع مافيا الكامورا في نابولي. بيكولو ساعد كوالياريلا أيضاً على حلّ مشكلته، وتبادلا رقمي الهاتف، وأهداه اللاعب بعض التذكارات الموقعة منه، تعبيراً عن امتنانه.
في تلك الفترة، كان قد بدأ كوالياريلا يتلقى رسائل نصية، مجهولة المصدر، على هاتفه المحمول، إضافة إلى رسائل يتلقاها بريد المعجبين في النادي (سمبدوريا)، فيها اتهامات له بأنه مدمن على المخدرات، أو بانتمائه إلى مافيا الكامورا. استمر الحال على ما هو عليه، حتى بعد انتقاله إلى أودينيزي، لكنه كان يعتقد أن الأمر لا يعدو كونه تصرفات معجب مجنون، قبل أن يصبح أكثر إثارة للقلق بعد انتقاله إلى نابولي صيف العام ٢٠٠٩.
وقتذاك، زادت وتيرة الأمر بشكل ملحوظ، حتى أن صديقه دي ريزو كان هدفاً لرسائل نصية من هذا النوع أيضاً. استعان الرجلان مجدداً بالشرطي بيكولو، ولاحقاً غيّر كوالياريلا رقم هاتفه، فتوقفت الرسائل النصية نهائياً، غير أن صندوق بريد منزل عائلة المهاجم بدأ يتلقى الرسائل.
رسائل فيها اتهامات له بإقامة علاقات جنسية مع فتيات قاصرات (الرسائل كان تحتوي صوراً لقاصرات عاريات)، ثم تطوّر الأمر لاتهامات بالتلاعب بنتائج المباريات، واتهامات بالمشاركة في علاقات جنسية جماعية، حتى وصل الأمر في إحدى المرات إلى تهديد والده بأن ابنه سيُقتل، في رسالة احتوت صورة تابوت عليه صورة كوالياريلا. هذا إضافة إلى رسائل نصية تلقاها الوالد، فيتوريو، على هاتفه المحمول، منها: “أعلم أن ابنك سيخرج في نابولي مساء اليوم. سنطلق النار على ساقيه. سنضربه حتى الموت”.
كان الأمر بمثابة جحيم له وللعائلة، لاسيما أن بعض الرسائل كانت تحتوي أموراً شخصية، ما جعلهم يشكون بكل من حولهم، بما في ذلك الأصدقاء المقربين. أمام هذا الواقع، كان الشرطي بيكولو يوصي كوالياريلا والعائلة ودي ريزو بعدم إخبار أحد بما يحدث، على اعتبار أنه يتابع تحقيقاته ويرسل تقارير إلى السلطات المعنية، والإجهار بما يحدث قد يُفسد مسار التحقيق.
بالموازاة، كان كوالياريلا يخوض موسمه مع نابولي، لكن تفكيره كان في مكان آخر. كان للأمر تأثير سلبي على أدائه مع الفريق في التدريبات وفي المباريات الرسمية. كان خائفاً لأن حياته في خطر. لم يكن يخرج من المنزل إلا نادراً، وحين يفعل، كان دائماً ينظر من حوله لرؤية إن كان يتبعه أحد. كان يبكي كثيراً، لأنه كان يعاني، ولم يكن يفهم من يفعل ذلك ولأي هدف. كما أنه كان خائفاً على حياة والديه وأخويه الاثنين وأخواته وأولادهم، وكان يشعر بالذنب حيال ذلك، حتى لو أنه لم يرتكب أي خطأ.
استمر الحال على ما هو عليه خلال ذلك الموسم، حتى تلقى صديقه دي ريزو رسالة عبر صندوق البريد الخاص بمتجره، عبارة عن مُغلف فيه رسالة مرسلة إلى رئيس نابولي دي لاورنتيس، ومحتواها ادعاء من طرف المطارد أن دي ريزو ينظّم لقاءات بين كوالياريلا وأعضاء من مافيا الكامورا، وأن هؤلاء يعتبرون اللاعب رمزاً لهم ويحمونه. لم يكن معلوماً إن كان المُغلف أُرسل عن طريق الخطأ إلى دي ريزو، أو أن المطارد أرسل عمداً نسخة عن رسالة بعثها فعلاً لرئيس النادي.
الأهم أن في نهاية ذلك الموسم، أي في صيف العام ٢٠١٠، لم تمانع إدارة نابولي بيع كوالياريلا إلى #يوفنتوس، لينتهي بذلك سريعاً حلمه بالدفاع عن ألوان فريقه المفضل، وليصبح خائناً بنظر معظم مشجعي فريق الجنوب. حتى بعد انتقاله لليوفي، لم تتوقف رسائل المطارد إلى كوالياريلا وعائلته.
في نهاية المطاف، لم يكن ذلك المطارد سوى الشرطي بيكولو نفسه، والمُلفت في الأمر أن كوالياريلا وصديقه، دي ريزو، لم يكونا الوحيدين اللذين طاردهما، بل كانا شخصين إضافيين على لائحة ضحاياه، مستغلاً ثقة الناس به كشرطي واستبعاد فرضية أن يكون المطارد. أما عن كيفية اكتشاف حقيقته، فتفاصيل ذلك كثيرة، قد أكتب عنها لاحقاً.
كوالياريلا ظلّ خائناً بنظر معظم مشجعي نابولي حتى فبراير/شباط من العام ٢٠١٧، حين قرر كشف حقيقة الأسباب التي جعلته يلتحق باليوفي، ومعها تفاصيل كابوس استمر نحو ٥ أعوام. أما المطارد، الشرطي بيكولو، فحُكم عليه بالسجن ٤ أعوام و٨ أشهر، لكنها عقوبة لن ترتقي، يوماً، إلى فداحة الجرم الذي ارتكبه. جرم حرماننا من الاستمتاع بمسيرة لائقة للاعب لديه إمكانات عظيمة مثل إمكانات الرقم ٢٧. 💙💙
عن صفحة محمد خليل