ابراهيم درويش- العربي المستقل
يمكن أن يلخّص ملف الترسيم بأنه مرحلة جديدة، من عمر الدولة اللبنانيّة، مرحلة بات يمكن للبنان أن يستفيد فيها من عنصر قوة لديه، ويشارك في لعبة الامم.
بخلاف ما أشيع، وحاول البعض الترويج له، والبهلوانيات الاسرائيلية على الحدود والمنابر، كان واضحا أن لا نيّة لدى كيان الاحتلال للتصعيد، وأنّ لا قدرة له على الدخول في حرب، يجهل نتائجها، وأنّ لا ضوء آخضر أميركيا، لجبهتين مشتعلتين غربا وشرقا.
كان الأمر أشبه الى واجهة زجاجية هشّة، في مرمى مجموعة من الشبان، طوروا حجارتهم واسلحتهم المتواضعة، منذ آخر مواجهة الى اسلحة، قادرة على العبور أعمق بكثير من الواجهة الزجاجيّة الى الحاق اضرار فادحة بمحتوى المحل، في ظرف دولي، لدى الكيان فيه الكثير مما يخسره، بينما للبنان المأزوم الكثير مما يسعى لربحه.
من يزايد في ملف خطوط الترسيم، يقفز فوق مفاصل رئيسة وهامّة تؤكّد بأنّ معركة لبنان كدولة، مع هذا الكيان هي معركة تراكميّة، لا ظرفيّة، وهنا يستوجب التذكير:
-في العام 1982 وصل الكيان بجيشه الى بيروت، وتم إرغامه على الانسحاب.
-إبّان سيطرة كيان الاحتلال على مناطق لبنانيّة كان اللبنانيون يجبرون على الحصول إسرائيلية للعبور الى قراهم.
-في العام 1996 تم توقيع إتفاق مكتوب غير رسمي مع الكيان (تفاهم نيسان)
-في العام 2000 إنسحب كيان الاحتلال الى ما بعد الخط الازرق من دون أن يمنع ذلك تجدّد الاشتباك مع الكيان.
-في العام 2006 جرت معركة قاسية مع كيان الاحتلال الاسرائيلي على خلفية أسر ح//ز//ب الله جنديين اسرائيليين، بهدف إسترجاع أسرى لبنانيين، وثارت ثائرة البعض، معتبرين ان الحزب من بدأ هذه الحرب، او بالحد الادنى أن خطوته تسببت بالتصعيد.
-منذ ال 2006 حتى تاريخه استمرت الرسائل النارية بين ال//م/قاومة وكيان الاحتلال.
اليوم لا يستطيع احد، حتى أشد المفتتنين بسياسات والتطبيع، على اعتبار أنه بوابة الأمن والأمان، أن ينكروا، أو يقفزوا فوق دور عنصر القوّة الذي وفّرته المقاومة، في ضمان حق لبنان، وأنه من دون هذه القدرة، لما تردّد الكيان في سرقة وقرصنة آخر قطرة غاز موجودة في أبعد حقل في لبنان.
نجحت المقاومة حيث فشلت الدبلوماسيّة، ونجحت المقاومة حيث لم ترد الدبلوماسيّة، وأصابت قوة الردع في أن تكون في خدمة الدولة ومصالحها.
من يصرّ على عدم الاعتراف بأن موازين قوة البلدان، في خارج إطار قوّتها الدفاعية والردعية، طبعا بموازاة مختلف العوامل الرئيسية الحياتيّة الاساسية، التي لا يمكن للبلد أن يستمر بدونها، يغرق في كباش بات أعجز من مواكبة المرحلة الجديدة التي قد تفتح في لبنان، على ايقاع المتغيّرات الدوليّة المتسارعة، ما يستوجب خليّة عمل بذهنية مختلفة، ومقاربة مغايرة، واتفاقا جديدا على ثوابت لبنان العريضة، والا ما تم تحصيله بدبلوماسية القوة، ستطيح به الاختلافات، والمحاصصة، ورموز الدولة العميقة، وسيضم ملف النفط، الى ملف المياه، والكهرباء، والدواء، ومصرف لبنان.