إبراهيم درويش- العربي المستقل
من يذكر جيّدا الظروف التي تشكلت فيها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، يدرك أنّ قرار التشكيل لم يحصل في الأروقة الداخليّة، بل تبلور بعد كلمة سرّ خارجيّة ممهدة، فإزاء الموقف المتصلّب من الرئيس الأسبق سعد الحريري، كان لا بدّ من حكومة، تمنع الانهيار غير المنظم وغير المضبوط، وتدير الانتخابات النيابية.
هي حكومة أثبتت حتى الساعة عجزها الكلي عن تحقيق أي إنجاز على مستوى الجسم الوزاري الواحد، في ما خلا مساعي عدد من الوزراء العاملين بجدّ لتحقيق خرق في الأداء الوزاري العام.
يؤكّد الرئيس ميقاتي في مجالسه، أنّ المطلوب من هذه الحكومة واضح ومحدّد، ولا يخفي إصراره على عدم السعي لتحقيق اي خرق في الاطار العام المرسوم لهذه الحكومة، ومحاولة تمرير المرحلة وإجراء الإنتخابات.
داخليّا، ميقاتي ليس وحيدا، بل يلاقيه أكثر من حليف حول ضرورة ترحيل الملفات الكبرى الى ما بعد الانتخابات، والى ما بعد مرحلة عهد الرئيس ميشال عون، فلا يخفى على أحد ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لا يريد أن يمنح عون أي نقطة قد تحسب لصالحه في الساعات الأخيرة من عهده.
التطورات الأخيرة المتسارعة، أزعجت ميقاتي، ودفعته الى إشهار سيفه في وجه المستجدّات، محاولاً بناء حصن منيع في وجه القضاء، لمنع سقوط النظام المالي المصرفي، الذي يشكّل رئيس الحكومة الحالي أحد أركانه، والذي يخشى جدّياً من إرتداداته.
في المقابل، تؤكّد مصادر قضائيّة، أن “القضاة الذين يتابعون الملف المالي وجدوا فرصة في المتغيّرات، للتحلّل من الوطأة السياسية، لا سيّما في ظل المواكبة القضائيّة الخارجيّة لملف سلامة وشقيقه، وتحديدا في سويسرا وألمانيا”.
أما عن أسباب طلب ميقاتي طرح الثقة، فقد عمد رئيس الحكومة المناورة والضغط، وهو يدرك أن قرار إستمرار الحكومة، وحالة الاستقرار الوهمي الذي يعيشها لبنان، ليست داخلية انما خارجية، وهنا أراد ميقاتي، ان يستحصل على إقرار علني واضح والتمسك بحكومته، على أنها الخيار الوحيد المتاح في هذه المرحلة، ولا سيما قبل مهلة الانتخابات.
في السياق، علم ” العربي المستقل” أن ميقاتي أكد في اتصال مع جهة خارجية متابعة للملف اللبناني، إصراره على المحافظة على الحد الأدنى من الاستقرار في العمل الوزاري، تمهيدا لاجراء الانتخابات في موعدها، وبانتظار اتضاح الصورة في المنطقة”.
الى ذلك، وعلى الرغم من الشكوك المشروعة حول اجراء الانتخابات النيابية، في بلد، وكل ما يحكى عن نوايا ضمنية للتأجيل، لا زال إجراء الانتخابات في موعدها، مطلبا غربيا، ولا سيما بالنسبة الى فرنسا والمانيا، التي ولا زالت الولايات المتحدة تراهن على تحقيق خرق وتغيير في الموازين القائمة.