إبراهيم درويش- العربي المستقل
إ
إتصالات حثيثة ومكثّفة، يتابعها وزير الطاقة وليد فياض حتى ساعات متأخرة من الليل، للوصول الى حلول يسيرة في ملف المحروقات في لبنان، في ظل التأثيرات المباشرة والمتسارعة غربا، والتي ترخي بظلالها على الملفات الاقتصادية والحياتية، في مختلف دول العالم، فيما يكرّر فياض جملة، لا يمكن ان أحمّل الناس، وحدها الاعباء، “يجب أن نجد حلولا أقل سوءا”.
وفي ظل الإنهيار المتواصل في قيمة الليرة اللبنانية، على الرغم من الاستقرار الوهمي الذي حاول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إقناع اللبنانيين بأنه المعبر الأوحد لتخفيف الضغط على لبنان، بما يعيدنا في النهج والسلوك، الى مقاربة الحاكم والواثقين به والمستفيدين منه، في هندسات مالية، أوصلت البلد الى ما وصل اليه، والى ارتقاب الاسوأ، بانتظار أي إنفراجة، حتى اللحظة لا يبدو لها أي أفق.
ليس بعيدا مما يحصل، يواصل القضاء مساره التحقيقي في قضية رجا سلامة شقيق حاكم مصرف لبنان، بعد أن أصدر قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور مذكرة توقيف وجاهية بحقه.
من يتابع الملف القضائي، يدرك حجم الضغط الكبير الذي يتعرض له القضاة، فالامر ليس خافيا، وقد جاهر به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في تصريح علني ملوّحا بأقالة اي قاض لا يستجيب. ميقاتي ليس وحده في هذه المعركة، فهو يستند الى قوّة مصرفية، ودعم سياسي، وجوقة إعلامية، إمتهنت فنّ التلميع، وهي تضع ثقلها، لمحاولة قضم ما تبقى من رمزية، وقدرة تحلل للقضاء، من التأثيرات السياسيّة.
أما أسوأ ما في الامر، فهو لجوء سلامة، الى لعبة تفجير البلد، عبر اللعب بسلعة تشكل ركيزة في الامن الحياتي للمواطنين اللبنانيين. سلامة يريد من المحطات ان تشتري مخزونها بالدولار، بما معناه، سيكون أمام الشركات خياران: إما أن تسعّر المشتقّات النفطيّة وفقا لسعر الدولار المتأرجح بشكل جنوني، الأمر الذي دونه صعوبات لوجستيّة كبيرة، نتيجة الى التبدّل السريع في سعر الصرف، وما سيؤديه من إرباك على المحطات، بسبب حاجتها الى برمجة لحظية، توافق السعر المتغيّر، والا سيكون على المحطات أن تشتري بالدولار وتبيع بالليرة اللبنانية، ما سيؤدي بدوره الى زيادة الطلب على الدولار، ونصبح أمام لعبة مطاطية: الدولار يرفع سعر المحروقات، وشراء المحروقات يرفع سعر المحروقات.
قرّر حاكم مصرف لبنان، أن يضع القضاء في مواجة الناس، وهو قد أبلغ كثيرين، أن سقوطه يعني سقوط الهيكل على رأس الجميع، يبقى أن القضاء امام إمتحان صعب، يحتاج الى “ركب قوية”، والى ضغط شعبي، ليسلك القضاء مساره، لإحقاق الحق، مهما بلغ حجم المحاذير، فقد يكون، وقبل تسلل صفقة من هنا او هناك، تطيح بكل شيء “أول الدواء.. الكيّ”.