كرة القدم متنفس للشعب أم تصفية حسابات سياسية واصطفافات طائفية؟!

العربي المستقل- القسم الرياضي

كتب الدكتور محمد علي صعب

منذ الأزل وحتى يومنا هذا، الأغلب الأعم من الأندية اللبنانية إما تابعة لجهة سياسية معينة، أو محسوبة على جهة سياسية معينة، وفي أضعف الإيمان تحت رعاية جهة سياسية معينة، لكن كرة القدم في لبنان لم تشهد تدخلًا سياسيًا  فاضحًا خلال العقود الثلاثة المنصرمة كما حصل خلال الأسبوع الحالي.
بدأت الحكاية بالاصطفاف الطائفي إلى جانب نادي النجمة، أو الاصطفاف تحت شعار تضارب المصالح وهي ضرب الإتحاد اللبناني بمكنونه كاملا وإن لم يتم التصريح علناً، لكن الشيطان يسكن في  التفاصيل التي توالت أحداثها بطريقة لا يمكن أن تُخفى عن أعين عابري السبيل الكروي.
ثار نادي النجمة على الظلم الذي تعرض له كما يظن وهو حق مشروع لجميع الأندية ومطالب نادي النجمة هي ذات المطالب لكل متابع لكرة القدم فوق المعمورة. أتُخذ قرار تعليق المشاركة دون أن يُحسب حساب العواقب التي تترتب على هذا التعليق. وخرج للعلن أو تم تسريب أقاويل من هنا وهناك بأن الإتحاد رضخ لمطالب النجمة وسيفعل كيت وكيت، وكل تلك الأقاويل ليست سوى هباء منثورا. اقتربت ساعة المباراة بسرعة لم يتوقعها القيّمون على نادي النجمة وباتوا بين مطرقة التعليق وسندان التواجد على أرض الملعب. لم يكن أمام النجمة إلا خيار التأجيل لحفظ ماء وجه الرئيس الذي رفع سقف تحدياته حد العظمة. لم تطلب إدارة النجمة من إدارة العهد التأجيل عبر قنوات رسمية أو بالطرق المعتمدة، إنما راسلت الإتحاد اللبناني الذي سلك الخط القانوني وكان الجواب برفض التأجيل.
هنا أضيف إلى الوجه الطائفي للموضوع، مسألة التدخل السياسي عبر الضغط من وزير الداخلية ووزير الشباب والرياضة على الاتحاد اللبناني لتأجيل المباراة وهذا أمر مخالف لقوانين الفيفا ويعرض لبنان للإيقاف.
وحلت الكارثة، ليل الحمعة-السبت لم تهدأ الإتصالات بنادي العهد وبالاتحاد اللبناني وليس عبر نادي النجمة إنما من شخصيات سياسية نافذة وتمثل تيارات وأحزاب سياسية لها ثقلها محليا وإقليميا، وكان جواب العهد نحن نسلك الطرق القانونية. السؤال البريء والذي يطرحه أي متابع لكرة القدم! أليس هذا تدخلا سياسيًا في شؤون البلد؟
الجواب قطعًا نعم.
أشرقت شمس يوم السبت على عنتريات مبهمة من قبل إدارة نادي النجمة، عبر منشور رمادي نُشر على صفحتهم الرسمية ودون أي بيان رسمي إن كانوا سيشاركون في مباراة اليوم أم لا! ذلك المنشور لم يكن سوى لكسب الوقت كي تتمكن الأطراف السياسية من احتواء الأزمة والظفر بنصر وهمي لإدارة نادي النجمة وتأجيل المباراة. أيضا كان الجواب واضحًا من نادي العهد: نحن نسلك الطرق القانونية. انتصف النهار ولم يعد هناك أنصاف حلول. النجمة في مأزق لا يُحسد عليه وهنا ارتفعت وتيرة الإتصالات حيث تدخل وزيرا الشباب والرياضة، والداخلية شخصيا لحلحلة الأمور  والضغط على نادي العهد للتأجيل عبر التواصل مع المقربين منهم، والعهد يملك نفس الأقوال: نحن نسلك الطرق القانونية.
أيضا سؤالٌ بريء جدا؟
أليس هذا تدخلا سياسيًا في شؤون كرة القدم اللبنانية؟ طبعا نعم إلا في حالة وحيدة وهي اعتبار وزير الشباب والرياضة خارج الحكومة.
اقترب موعد المباراة والخناق يضيق على نادي النجمة، ومعها ازدادت تدخلات وزير الشباب والرياضة وبطلب من وزير الداخلية  تواصل مباشرة مع رئيس نادي العهد والجواب لم يتغير كما أسلفت!
تشير الساعة إلى ما بعد الرابعة والنصف بتوقيت بيروت، نادي العهد يتحضر للدخول وإذ بنقيب من قوى الأمن الداخلي ببزته الأميرية يقف سدا منيعًا أمام مدخل الملعب ويمنع اللاعبين وطاقم التحكيم من الدخول معلنا بأمر من وزير الداخلية منع الدخول أرض الملعب.
أيضا سؤال بريء جدا!
أليس هذا تدخلًا  سياسيًا  في شؤون كرة القدم؟!
الجواب :طبعا نعم. تدخل لا يحمد عقباه.
مساكين هم جماهير كرة القدم، يبذلون الغالي والنفيس على مذبح النادي وإدارة النادي تختبئ خلف تدخلات سياسية واصطفافات طائفية لن تغني أو تسمن من جوع.