العام الدراسي قد “يطير”

كل شيء في لبنان يعود إلى الوراء على متن أعتى أزمةٍ باتت معها «بلاد الأرز»، وهي «أمّ الأبجدية وأبوها»، لا تعرف «ألف باء» العيش بما يليق بمَن كان مدرسة الشرق وجامعته و«كنزه» الفكري ولؤلؤته التي خَفَتَ بريقها على وهج الانهيار الكبير.

ليس صعباً في زمن البؤس اللبناني رصْد دمعةٍ على خد جبيل، مدينة الحرف، أو سماع أنين «بيريت»، أول مدرسة حقوق في العالم التي أكسبت بيروت لقب «أم الشرائع»، أو حسرة «الأزمنة» الضاربة في التاريخ التي كتبت لـ «ست الدنيا» سيرةً كأنها منذ الأزل.

فلبنان اليوم «يُنتحر»، وتكاد كل «هياكل» بنيانه المالي والاقتصادي والفكري والاجتماعي أن تتهدّم فوق رأس أبنائه، وراءهم ماضٍ مثقل بالنكبات التي نفضوا «رمادها» ولكن أيضاً بسجلّ ذهبي حجز لوطنهم الصغير مكانة في شرقٍ صار سويسراه، وأمامهم مستقبل وكأنه «لن يولد أبداً».

كل شيء صار في «عين الانهيار»… المستشفى، الدواء، لقمة العيش، وسائل التنقل، الودائع التي «ابتلعها» الإفلاس «الممنوع من الإعلان»، والأخطر القطاع التعليمي بمدارسه وجامعاته التي حوّلت لبنان «منارة» في محيطه القريب والبعيد والتي باتت تكافح للاستمرار والانطلاق في سنة دراسية مدجّجة بكل عناصر «الإعصار المالي» التي «تقبض على أنفاس» الطلاب وذويهم والإدارات، حتى صار فقدانُ مقوّماتِ «إقلاع» الدروس يستحضر تهكُّماً زمن «مدرسة تحت السنديانة» وشعار «سيراً سيراً إلى الصفوف» في ضوء تفاقُم أزمة المحروقات سواء بصعوبة الحصول عليها أو عدم قدرة الجسم التعليمي ولا الأهالي على تحمُّل أكلافها الخيالية، أو اشتداد أزمة الكهرباء، أو ارتفاع أسعار اللوازم المدرسية، بما فرضَ مفاضلة مؤلمة بين الرغيف أو الكتاب، والجوع أو التعلم.

ويكفي إلقاء نظرة على التعليقات التي صدرت على وسائل التواصل الاجتماعي منذ أن أعلن وزير التربية السابق طارق المجذوب عن خطته للعودة الى المدارس لمعرفة مدى الشك الذي يساور اللبنانيين في إمكان عودة أبنائهم إلى مدارسهم وتفكيك «الألغام» من أمام استئناف الدراسة التي اهتزّت ركائزها منذ «اجتياح» كورونا (لبنان سجّل أول حالة في شباط 2020) وتجربة التعليم عن بُعد والتي لم تكن ناجحة على مختلف المعايير.

القطاع التعليمي في لبنان مهدَّد والسنة الدراسية في خطر، مدرسياً وجامعياً، رغم سعي وزارة التربية لإلباسها رداء الاستمرارية وتغليفها بورق التمنيات الزهرية الجميلة.

 

الراي الكويتية