أيام تفصلنا عن نهاية شهر أيلول موعد انتهاء مفعول سريان التعميم 151 الصادر عن مصرف لبنان والذي يحدد سعر صرف سحوبات الدولارات من المصارف عند 3900 ليرة، فيما أصبح من المؤكد ان المجلس المركزي في مصرف لبنان سيجتمع في الاسبوع الاخير من الجاري للإتفاق على سعر الصرف الجديد الذي سيُعتمد في المرحلة المقبلة.
كل المعطيات تؤكد ان الاتجاه هو الى رفع سعر صرف السحوبات بالدولار من المصارف على ان يُحدد هذا السعر إستنادا الى عوامل عدة بحسب ما تؤكد مصادر مصرف لبنان، ومنها سعر دولار السوق السوداء الذي يتأثر حكماً بالتطورات السياسية، مع أخذ حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية في السوق والذي يتخطى الـ 43 ألف مليار ليرة حاليا، في الاعتبار، لتبقى كل الخيارات متاحة وقابلة للنقاش.
قضية تعدد أسعار الصرف وضرورة توحيدها و”الهيركات” الذي تتعرض له الودائع في المصارف من الملفات الاساسية التي طرحتها لجنة المال والموازنة على طاولتها مع اقرارها قانون “الكابيتال كونترول” وتضمينه بنداً يمكّن المودع من سحب نسبة من وديعته بحسب سعر السوق الرائج، وعندما كانت تناقش خطة التعافي الحكومية والخلاف الذي دار بين اركان الوفد اللبناني المفاوض مع خبراء صندوق النقد الدولي على تحديد الخسائر. كما عقدت اللجنة سلسلة إجتماعات خُصصت للبحث في تعدد اسعار الصرف والتعاميم الصادرة عن مصرف لبنان والسقوف الشهرية للسحوبات المصرفية وسعر صرف السحوبات بالدولار الاميركي من المصارف.
في هذا السياق، عقدت اللجنة أمس إجتماعا برئاسة النائب إبرهيم كنعان وحضور وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، والمدير العام للوزارة بالإنابة جورج معراوي، ونائب حاكم مصرف لبنان ألكسندر موراديان، والعضو المؤسس في “جمعية صرخة المودعين” فراس طنوس، ومؤسس “جمعية صرخة المودعين” و”جمعية المودعين” علاء خورشي، فيما غاب اي ممثل عن جمعية المصارف على رغم دعوتها.
بعد الاجتماع عقد كنعان مؤتمرا صحافيا، إعتبر خلاله انه “لا يجوز أن يستمر المودع في دفع ثمن الخلافات السياسية واللاقرار والرغبة في استمرار الوضع على ما هو اليوم”، مع تأكيده ان لجنة المال والموازنة “ليست لديها صلاحية رفع او خفض سعر صرف السحوبات بالدولار من المصارف، بل هي حريصة دستوريا على حقوق المودعين وعلى امكانية سحبهم الدولار اذا كانت وديعتهم بالدولار”. وخلال الاجتماع طلب ممثل مصرف لبنان مهلة اضافية لتزويد اللجنة الأرقام والتأثير الفعلي والعملي لأي تعديل قد يطرأ على التعميم 151 على الكتلة النقدية وارتفاع سعر الدولار من عدمه، لتخرج اللجنة بالتوصية المناسبة. كما أكد كنعان “عدم السكوت عن عدم اعطاء اللجنة المعلومات المطلوبة من مصرف لبنان”، وكرر طلب تزويدها البيانات في اليومين المقبلين قبل جلسة نهائية للجنة حول هذا الملف، وقد وعد المصرف المركزي بتلبية هذا الطلب، مع تحميل الحكومة ومصرف لبنان والمصارف المسؤولية تجاه الشعب اللبناني بكشف الحقائق.
يعود كنعان ليؤكد لـ”النهار” ان “المشكلة الاساسية التي حصلت بين لجنة المال والموازنة وحكومة الرئيس حسان دياب عند نقاش الخطة التصحيحية التي وضعتها كانت حول مصير ودائع المودعين والخلاف حول تحميلهم كل الخسائر وشطب ودائعهم بعملية هيركات واسعة، ومن هنا لن تقبل اللجنة مع المصارف ومصرف لبنان ما لم تقبله مع حكومة دياب، وأمامها مسؤولية دستورية حقوقية تجاه المودعين لناحية حماية ما تبقى من الودائع والحد من الخسائر بالنسبة لقيمة الودائع بالدولار المصرفي بالمقارنة مع سعر سحبها بالليرة اللبنانية، فيما دولار السوق السوداء يقارب الـ 20 الف ليرة للدولار”. وشدد كنعان على “ضرورة القبول ببعض الاجراءات المتعلقة بالسحوبات وسقوفها وسعر صرف سحب الدولارات من المصارف نتيجة الانهيار الحاصل في لبنان، ولكن لا يمكن قبول تحميل المودع خسارة 85% من قيمة وديعته بالدولار في حال الابقاء على سعر 3900 ليرة. أمام هذا الواقع تصر لجنة المال والموازنة على فتح النقاش والبحث بكل التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان، وتطالب المركزي بضرورة وضع تصور شامل ضمن خطة واحدة ورؤية ترسم ملامح المرحلة المقبلة لناحية كيفية توحيد سعر الصرف ومتى الوصول الى سعر صرف موحد مع رفض الحلول الجزئية”. وأوضح كنعان ان “لا صفة تقريرية للجنة المال والموازنة لناحية قرارات البنك المركزي ويمكن لمصرف لبنان اتخاذ أي قرار بمعزل عن اللجنة، لكن ما يجب ان تقوم به اللجنة هو ممارسة الرقابة عل مصرف لبنان والدفع في اتجاه اعادة النظر بكل التعاميم التي يصدرها المركزي وليس فقط التعميم 151، فمن الضروري إعادة النظر بكل التعاميم”. وعاد كنعان الى منتصف نيسان 2020 عند إصدار التعميم 151، “يومها كان سعر دولار السوق عند 7500 ليرة تقريبا، أما اليوم فيقارب 20 الف ليرة”، مؤكدا ان “سعر الصرف 3900 ليرة لم يمنع وقف ارتفاع الدولار منذ ذلك الحين، وبالتالي لا يمكن التحجج بالكتلة النقدية وتأثيرها على سعر الصرف في السوق السوداء لعدم اتخاذ القرار المناسب برفع سعر سحب الدولارات من المصارف”، مشيرا الى ان “ثمة عوامل عدة يجب معالجتها وتعتبر من المسببات الاساسية لارتفاع دولار السوق ومنها الازمة المالية والاقتصادية الحالية والفراغ السياسي وغياب الحكومة والعامل السياسي، اضافة الى سياسة الدعم العشوائية وما ترافق معها من عمليات إحتكار ومضاربة وغيرها، وما يتعلق بأزمة الميزان التجاري على صعيد الاستيراد”. كما أكد كنعان “ضرورة إلزام السلطات المصرفية المعنية بإعلام المجلس النيابي بالمعطيات التي ستستند اليها في اتخاذ اي قرار بهذا الاتجاه”.
موريس متى “النهار”