العربي المستقل _ فاطمة الدر
ابتلاء الله رحمة. وفي وطني هناك من هو بارع في تحويل الرحمة إلى نقمة، و العتمة في لبنان لا تقتصر على الكهرباء بل حتى الأحلام أنهكها الظلام وبات دعاء الأم آخر ما باليد من حيلة، أما عن مخططات خالد ربما مصيرها الخلود لا التألق… وعن خالد فهو ذاك الطموح الذي سعى جاهدًا أن يكون ما يريد لا ما يكتبه القدر له، والبارع هو وطن بأكمله أسهل ما يستطيع قوله أنه لا يستطيع وهنا حتى آخر ما باليد لم يعد كذلك، وأحلام الأمس لا نستطيع أن نصبح عليها وما جال في أذهاننا لن يجول في واقعنا.
بدأت قصة هذا الفتى مع مرض مزمن يتمثل في عسر في الكتابة (ديسغرافيا) والقراءة (ديسلكسيا) ويحيجه إلى مُعينٍ في الفعلين والأمر الذي نُفّذ فعلًا ما بعد الصف الرابع عندما ظهرت العوارض وبدأت المساعدة تقدم له في المدرسة وفي البيت حتى إمتحاناته الرسمية الأولى في الشهادة المتوسطة تمت على هذا النحو حيث قرأ وكتب له الامتحان مساعد وذلك وفقًا للتقارير الطبية التي تظهر حاجته إلى المساعدة، لتحرير ما يكتنز من معلومات، دون مساعدة أحد فالمساعدة لم تتعدى حدود التلقين والتدوين أي خالد يلقّن المساعد الإجابة وما على المساعد الا أن يدوّن ويقرأ السؤال فقط.
الجدير بالذكر أن خالد من المتفوقين والعباقرة في مدرسته ونال المرتبة الأولى في مدرسة دار الأمان بدرجة جيد جدًا في الصف التاسع (الشهادة الرسمية) وكل من في مدرسته الحالية المدرسة الكنديه في البقاع من أساتذة ومدراء يشيد بمدى ذكائه وفطنته.
اليوم كبر خالد وأصبح على عتبة الجامعة وكان الأمل ان يُقدَّر وضعه الصحي كما جرى في الشهادة المتوسطة والمفاجأة كانت أن الحالة هنا لا تعنى بها وزارة التربية لكن في الشهادة المتوسطة لا بأس “بتتمرأ” كأن الحق بات جرما، وهذه المرة ربما حُرم النجاح قبل التقديم.
المدرسة قدّمت طلبا للوزارة لأخذ الوضع بعين الاعتبار وما كان من الوزارة إلّا أن تقرأ بعين الإنسانية، لكنها اكتفت بتعيين مساعدا يقرأ له فقط، ومنحته ١٥ دقيقة إضافية عن أصدقائه وكأنها لم تفعل شيء لأن المشكلة ليست مسألة وقت بل مشكلة عسر ناتج من الدماغ مباشرة أي ليس أمرا يمكن التحكم به أو إصلاحه متى أراد.
حاولت الأم وإدارة المدرسة الاتصال بالوزارة لتوضيح الحالة جيدا ونقد القرار التعسفي بحق الطالب وبعد جهد جهيد استطاعوا التواصل مع أحد المعنيين في الوزارة والجواب كان أن المشكلة قد حلّت وسيرافقه كاتب وقارئ للمساعدة، مع وعد بأن المدير العام سيوقع على هذا القرار، ليصدم خالد نهار الاثنين أول أيامه في الامتحانات بأن القرار الأول هو الذي نفذ والثاني لم يبصر النور وهنا أحلام خالد أصبحت رمادا ودموعه لم تجده نفعا وجهده هدر سدى والمنحة التي سعى لها ليعيل عائلته ذهبت في مهب الريح.
خالد حسين بسج اسم سيتكرر كثيرا الى أن ينال حقه والأم لا تستطيع أن ترى حرقة ابنها وتقف مكتوفة الأيدي ستحاول جاهدة الى ان تصل الى مبتغاها وتخرج من المعركة منتصرة هي وابنها وعذرا على التعبير لكن في وطني أيضا عليك أن تحارب كي لا يسلب حقك منك، وحق خالد أن لا يعاقب بما اختاره الله له، وألا يكون ضحية جهل واستهتار بحالة مرضية لا نختارها نحن بل لازمته رغما عنه، وأن تؤخذ مطالبه كلها بعين الاعتبار كي يُنصَف..
إنطلاقا من إنسانيتنا، وواجبنا المهني، نرفع صوت خالد وذويه الى وزارة التربية، بشخص وزيرها، الدكتور طارق مجذوب، لكي لا يكونا مع القدر ضد خالد وأحلامه، فهل من مجيب؟