جمودٌ سياسي عقب اعتذار الرئيس سعد الحريري، وما شكّله من صدمة لدى اللبنانيين الذين كانوا ينتظرون تشكيل الحكومة بفارغ الصبر، علّها تخفّف عنهم عبء الحياة ومرارتها، ووحده الدولار الأميركي يتحرّك دون رادع محلّقاً من دون أن تحرّك الجهات المعنية ساكناً، ليستقبل اللبنانيون عيد الأضحى على وقع المزيد من الأزمات، والعجز، والمأساة المعيشية المستمرة.
في هذا الجو الملبّد، توقعت مصادر سياسية عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية ألّا يعلن رئيس الجمهورية، ميشال عون، موعداً للاستشارات النيابية الملزمة قبل الخامس والعشرين من الجاري، لتعذّر تحديدها الأسبوع المقبل بسبب إجازة عيد الأضحى المبارك، وإقفال البلد ثلاثة أيام.
المصادر تحدثت عن ثلاثة سيناريوهات محتملة: الأول، اجتماع تنسيقي لما يسمّى قوى 8 آذار، أو فريق الممانعة، للاتفاق على اسم الشخص الذي سيكلّف تشكيل الحكومة، والتفاهم على عناوين المرحلة المقبلة. وهنا يبرز اسمان هما النائب فيصل كرامي، وجواد عدرا.
الثاني، وينطلق من مفهوم التسوية التي يطالب بها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، اللّذان يحرصان ألّا تكون الشخصية التي قد تكلّف تشكيل الحكومة مستفزة للرئيس الحريري ودار الفتوى. وترجّح المصادر اسم الرئيس نجيب ميقاتي، أو أيّ شخصٍ توافق عليه دار الفتوى إذا بقي الحريري مصرّاً على عدم تسمية أحد.
أما السيناريو الثالث، فيتعلّق بموقف التيار الوطني الحر وفريق العهد اللذين يصرّان على أن يكون الشخص الذي سيكلّف بتشكيل الحكومة مشابهٌ تماماً للرئيس حسان دياب، أو النائب فيصل كرامي، وإذا تعذّر ذلك فلا مانع من الإبقاء على حكومة تصريف الأعمال حتى الانتخابات النيابية المقبلة.
المصادر أشارت إلى أنّ هذه السيناريوهات الثلاثة قابلة للتعديل، ولا شيء محسوماً بعد بانتظار أن يقول حزب اللّه كلمته، وما إذا كان يريد حكومة أم لا، معربةً عن خشيتها من فوضى في الشارع، على غرار ما حصل في جبل محسن، لأنّ استهداف الجيش بداعي الحاجة للمازوت، أو أي أمرٍ آخر مؤشرٌ خطيرٌ جداً.
ورأت المصادر أنّ لا حلّ إلّا بتشكيل حكومة تبادر إلى معالجة الانهيار الاقتصادي قبل الانزلاق في أتون الفوضى المرفوضة من الجميع.
عضو كتلة التنمية والتحرير، النائب محمد نصراللّه، نقل للأنباء الإلكترونية أجواء عين التينة والرئيس بري بالتحديد، قائلاً: “يؤلمنا عدم التوافق على تشكيل الحكومة الذي أدّى إلى اعتذار الرئيس المكلّف، وعلينا الآن أن نتطلع إلى الأمام، ويجب أن نتعاطى مع الواقع الجديد بإيجابية ومسؤولية لتكليف رئيس جديد، والذهاب إلى تشكيل حكومة بأسرع وقت”، معتبراً تشكيل الحكومة مخرجاً إلزامياً لانتشال البلد من الانهيار.
وأمل نصراللّه ألّا تطول عملية التكليف والتأليف لأنّ وضع لبنان لا يحتمل التأخير. فالتأخير يؤدي إلى الفوضى، على أن تزول الأسباب التي منعت الحريري من التشكيل، وألّا تتكرر الطريقة نفسها التي اعتُمدت مع الحريري، وتكون سبباً لعدم تشكيل حكومة، معتبراً أنّ أهمية هذا الاستحقاق هو أنّه سيوصلنا إلى الانتخابات النيابية. فإذا وصلنا للانتخابات، ولا توجد حكومة فستكون هناك مشكلة كبيرة.
وعن الأسماء المطروحة بالنسبة لعين التينة، رأى أنّ الصورة ما زالت غامضة، خاصةً بعد رفض الحريري تسمية أحد، ومعنى ذلك أنها ستذهب إلى أسماء أخرى، ونأمل أن تنتهي بسرعة، فالموضوع ليس سهلاً. فالشخص الذي يقبل أن يتحمّل المسؤولية سيكون مغامراً كبيراً، ونحن سنكون إلى جانبه كما كنّا مع الحريري، خاصةً وأنّ الرئيس بري هو صاحب المبادرة الوحيدة، ولكنّهم لم يأخذوا بها، مؤكداً أن، “أولويتنا حكومة وحدة وطنية”.
بدوره، عضو كتلة الوسط المستقل، النائب علي درويش، اعتبر في اتّصالٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية أنّ الرئيس نجيب ميقاتي لن يتنصّل من أي موقع، لكنّه يعتبر أنّ الأمور غير واضحة المعالم، فهو رجل واقعي، وحتى الآن لم تتوفر ظروف وتفاصيل تجعل عملية الوصول إلى ما يصبو إليه بموضوع تشكيل حكومة جديدة، فهو غير بعيد عن تلقّف أي مسؤولية وطنية.
وقال درويش: “الإعلام يطرح أسماء عدة، ولكن الاختيار يتمّ بعد الاستشارات الملزمة، وحينها سيكون لكل حادث حديث”.
درويش توقّف عند أحداث جبل محسن، واصفاً ما جرى بالسابقة التي وضعت الجبل بوجه الجيش، واضعاً أكثر من علامة استفهام حيال ما حدث، قائلاً: “ما تعانيه طرابلس كبير، ولكن ليس بهذه الطريقة تعالَج الأمور”.
الانباء