إبراهيم درويش_العربي المستقل
لا يمكن لأحد أن ينكر على اللبنانيين حجم الهواجس التي يعيشونها، ولا حجم القلق الذي يعتري يوميّاتهم، ولا حجم الأوزار الملقاة على عاتقهم، بعد أن أمعن المفسدون، في تدمير ما تبقّى من وطن ممزق، يترنّح تحت ضربات مافيات الداخل، ووحوش الخارج المتربّصة بهذا البلد، والمتقمّصة بأثواب حملان وديعة، تحدثّنا عن لبنان بلا فساد ومفسدين.
إلا انه وفي خضّم هذا الدرك، الذي يعصف بنا لا زال البعض يعتقد أن حلّ أزمة لبنان، مرتبط بتشكيلة وزارية، تقرّ ب 24 ساعة.
لا يحتاج الأمر الى الكثير من التأويلات، ولا للتحليلات المعمّقة، للإستنتاج بأن أزمة لبنان هي بنويّة، وأن أيّ حكومة، ما لم تستند الى خطّة عمل واضحة، تكون أولى أولويّاتها، ضرب الكارتيلات السياسيّة والماليّة، ستكون حكومة فولكلوريّة، أحد أهم إنجازاتها، صورة فولكلوريّة، بوجوه صفراء.
حتى ساعات متأخرة، حاول أصحاب القرار، إحاطة التشكيلة الوزارية، بجوّ من الكتمان، بعضهم من اغلق هاتفه، وآخرون صارحوا بوجوب التريّث قبل التعليق على مسار الأمور.
ما علمه “العربي المستقل” من مصادر معنيّة بمسار التكليف، أن التشكيلة الوزارية، حملت أسماء مختلفة عن التشكيلة السابقة، وأن رئيس الجمهورية، عقب استلامه التشكيلة، بدأ جولة من المشاورات مع الحلفاء، لتقييم الوضع ودرس الأسماء.
في السيّاق، لم تنضح من الاتصالات أي أجواء إيجابيّة، يمكن التعويل عليها، للحديث عن خرق جدّي في مسار وضع اللبنة الأولى، لمشروع وقف الإنهيار.
هل سيوقع الرئيس عون على التشكيلة؟
مما لا شك فيه ان مهلة ال 24 ساعة التي منحها الرئيس المكلّف سعد الحريري للرئيس عون قبل ساعات من إطلالته على قناة الجديد، كان أشبه بعمليّة تكبيل، لا سيما ان الحريري، أغلق الباب أمام أي فرصة للتشاور، وهنا وحده الدفع الخارجي، في حال كان جدّياً، يمكن أن يلعب دوراً في فتح كوّة في الجدار الشاهق بين الرئيسين، مع الإشارة، الى غياب أي مؤشرات إيجابيّة من المملكة العربية السعوديّة، تشي بتبدّل شروطها، لتوفير أي غطاء لأي حكومة لبنانيّة، بمعزل عن هويّة رئيسها.
هل سيعتذر الرئيس الحريري؟
تؤكد مصادر الرئيس الحريري ان خيار الاعتذار، وضع على طاولة البحث، لا سيما، أن الرئيس المكلّف يدرك جيّدا ان الحكومة المقبلة، ستكون حكومة إدارة الانهيار، وستكون في مواجهة مفتوحة مع الجميع، مع أعتى الفاسدين حتى أضعف مواطن على الأرض اللبنانية، سيجد في الإجراءات المتخذة، استهدافا لقوته، في ظل فقدان الثقة التام بالطبقة السياسية، طبعا هذا كله مرتبط، بتوفّر إرادة جديّة، للشروع بعملية الإصلاح، ما يستوجب إقالات، وتنحيات، وتوقيفات، ومحاسبة، والقفز، فوق قاعدة الستة وستة مكرر، والمحاصصة.
بناء عليه، فحسابات الحريري، هي مرتبطة، بانعكاس خطوته، على مناصريه ومؤيديه، وفقا لمواقيت يتم درسها جيدا.
بعيدا من الحسابات السياسية، أكثر ما يثير الاستغراب، هو الموقف الشعبي، الذي ورغم كل ما ارتكب بحقّه، باتت أقصى أمانيه، تشكيل حكومة، بمعزل عن شكلها ولونها، ومشروعها، وقدرتها على العمل، حتى لو اعادت اجترار النماذج والعقلية ذاتها، لتستكمل مهمتها في إغراقنا بوحول الفساد والديون.