في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد، يتحضر اللبنانيّون لكلّ ما يُمكن أن يواجههم من أصناف الفساد المستشري، إلّا أنّهم لم يتصوّروا أن تصل الأمور إلى حدّ الغش في لقاح كورونا، بشكل يمكن أن يعرّض سلامتهم للخطر، ويحقنوا بمستحضر لا تزال طبيعته مجهولة حتى اللحظة.
فقد تلقت مجموعة من المواطنين في البترون لقاحاً، على أساس أنه لقاح فايزر، خارج إطار المنصّة الرسمية. وسرعان ما تبيّن أن هذا اللقاح عبارة عن “ماء وملح”، كما يشير من تلقّوه، أو أنّه مستحضر آخر لا يعرفونه. فهم لم يكتسبوا أيّ مناعة بعد أسابيع من عملية التلقيح، أي من حوالى أسبوعين، ولم يشعروا بأيّ أعراض تدعو إلى الشكّ باحتمال أن يكون مؤذياً.
وبالتواصل مع مستشفى البترون، حيث جرى تلقّي اللقاح في حرمه، نفت الإدارة أن يكون التلقيح قد جرى في داخل حرم المستشفى، وبالتالي تنتفي مسؤولية المؤسسة. أمّا الممرضة التي أعطت اللقاح للمواطنين فقد تركت مستشفى البترون الذي كانت تعمل فيه منذ حوالى سنتين؛ واصدر المستشفى بياناً بما حصل، أفاد “أن اللقاحات التي أعطيت داخل الخيمة قانونية مائة في المائة، ومراقبة من الجهات الرسميّة، وتخضع لشروط وزارة الصحة العامة”. كذلك نفى البيان ما تمّ تداوله عن أن بلدية أميون قد اشترت لقاحات مزوّرة من المستشفى. وأكدت الإدارة أنها غير مسؤولة عمّا يجري خارج خيمة التلقيح، وأن الممرضة المعنيّة بعملية تلقيح المواطنين لا تمتّ بصلة إلى مستشفى البترون، وهي تعمل في بلدية أميون.
والسؤال المطروح هنا هو حول إمكانية أن يجري تلقيح مواطنين في كافيتيريا المستشفى أو في موقف السيارات، كما أشار أشخاص تلقوا اللقاح، من دون أن يثير ذلك شكوك إدارة المستشفى التي تؤكد أنها غير مسؤولة عما حصل.
وأكد أحد المواطنين الذين تلقوا اللقاح بهذه الطريقة أن أحد الأصدقاء قد تلقى هذا اللقاح وأخبره أنه يمكن أن يساعده في ذلك باعتبار أن دوره لم يحن بعد لتلقي موعد عبر المنصة. وفي اليوم المحدد، توجه إلى كافيتيريا مستشفى البترون حيث تلقى الجرعة الأولى من اللقاح وانتظر مدة ربع ساعة، كما تجري العادة عند إعطاء اللقاح.
أما الجرعة الثانية فقد تلقاها في مجلس إنماء الكورة، ما أثار شكوكه حينها. وأشار إلى أن الممرضة أعطته اللقاح بحضور وإشراف طبيب في مستشفى البترون، بحسب ما سمعه دون أن يؤكد ذلك، وهذا ما اعتبره مطمئناً حينها. وبعد حوالى شهر من تلقي اللقاح اتصل به أحد الأصدقاء الذين تلقوه أيضاً وأخبره أنه أجرى فحص المناعة وتبين أنه لم يكتسب أي مناعة.
وعندما أجرى هو فحص المناعة مع كافة أفراد العائلة الذين تلقوا اللقاح ووصل عددهم إلى 10، تبين أن أحداً منهم لم يكتسب أي مناعة، وكونهم لم يعانوا أي مشكلة جراء ذلك، اعتبر على الأرجح أن السائل الذي حقنوا به م يكن أكثر من ماء وملح.
لا يؤكد هذا الشخص في حديثه مع “النهار” ما إذا كانت الممرضة على علم بأن اللقاح فاسد، وإن بدت تصرفاتها مريبة بعد أن انتشار هذا الخبر، فيما يبقى الاحتمال وارداً بأن تهديداتها يمكن أن تنتج أيضاً عن خوف من التورط بهذا الموضوع ولو كانت بريئة. وقد أشار في حديثه أيضاً إلى أن البلدية عادت وأمنت اللقاح بعد الذي حصل وقد تلقى الجرعة الأولى من لقاح فايزر.
المصدر: النهار